بين أم أحمد بن حنبل وحفصة بنت سيرين ... والمرأة الكاشير !!

دخلت إلى مكتبي كما هي العادة كل صباح 
لكن هذه المرة قد اختلف الوضع !
فما زال ألم خبر البارحة يعصر قلبي ويشتت فكري ! (إغلاق دور التحفيظ بمكة إلى إشعار آخر )
صدمة وأي صدمة ... مفاجأة وأي مفاجأة بل هي فاجعة ( اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرا منها )
الحاصل ... أني جلست على مكتبي أتصفح الأوراق والخطابات 
وإذا بصوت هادئ متلجلج بالبكاء .. متهدج بالخوف والربكة !!
رفعت بصري .. فتاة في ربيع العمر تمشي بصعوبة .. يعلوها النور وتغشاها المهابة ..
أستاذتي ممكن ؟؟
تفضلي غاليتي ماالأمر ؟ ومن أنت ؟
أنا ......
ماطلبك ؟
أجابت والدموع أغرقت عينيها :
أرغب التسجيل بالمقرأة لأحفظ القرآن كاملا فقد بدأت ولم أكمل 
رااائع .. فلم الحزن والبكاء ؟!
ما المانع بنيتي ؟!!
أنا مريضة أستاذتي لاأقوى على الحفظ ولا على سماع القرآن وتلاوته 
لاعليك بنيتي .. ألحقك بقسم الدبلوم الشرعي .. وإن شئتِ جعلتك بقسم الحاسب 
لا لا أستاذتي أريد القرآن
وأن أحيا مع القرآن فلا لذة تعدل لذة تلاوة القرآن وسماعه !
أريد أن أصبح كأم أحمد ابن حنبل 
أو كأم الشافعي 
أريد أن أخدم ديني
أريد أن أبني جيلاً مجاهداً يحفظ كتاب الله
ومضت تتحدث عن أمنياتها وأنا أتأملها وأحدق النظر إليها 
لايتكلم لسانها بل عيناها وقلبها ولو شئت فقل جوارحها !
نور الصدق يشع من حروفها .. والله حسيبها 
حينها أخذني الفكر لذلك المجلس الذي جمع عمر بخيرة الصحب 
حين قال لأصحابه : تمنوا ، فقال : رجل أتمنى لو أن لي هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه في سبيل الله ، ثم قال : تمنوا ، فقال رجل : أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق . ثم قال : تمنوا . فقالوا : ما ندري يا أمير المؤمنين . فقال عمر أما أنا فأتمنى لو أن هذه الدار مملوءة رجالاً مثل أبي عبيده بن الجراح.
هكذا هي الأمنيات الرفيعة .. والهمم الشامخة ... والنفوس العالية
( إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها )
تفضلي بنيتي مستعينة بالله وعين الله ترعاك وكلامه شفاكِ , لعل الله يجعل لك من همك فرجاً ومخرجاً
( وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين )

وفي ذات اليوم وبعد سويعات تتبعها أخرى 

فتاة كالزهر المتفتح يلفها حجابها ويعلو وجهها نور استقامتها
السلام عليكِ أستاذتي
وعليكِ السلام
طلبكِ غاليتي ؟
تخرجت من الجامعة بتفوق وتميز تعددت بي التوجهات وتفرقت بي الأمنيات لكن رست قدمي على أبواب معهدكم , أريد أن أحيا مع كتاب ربي
أرغب أن أصبح كحفصة بنت سيرين
انشرح صدري وابتسمت لها : ستكونين بإذن الله
أستاذتي ألحقيني بالمقرأة لأحفظ وأتدبر ثم بالدبلوم الشرعي لأفهم وأعمل 
الله أكبر !!!
ماهذا الفكر ؟!!
ماهذه الهمم ؟!!!
ما هذه التوجهات ؟!!

فضلا ... كونوا معي

طالبة طبيبة في ذات اليوم !
أستاذتي فضلا أرغب التسجيل في المقرأة
مرحبا وأهلا عزيزتي
أعمل طبيبة نصف دوام أحيانا لوضع معين
خرجت من بيتي كثيراً 
ما كنت أبقى فيه إلا وقتا قصيراً
لاشغل لي إلا الطب وعلومه
ما فكرت يوماً التوجه لمقرأة أحفظ فيها كتاب الله أو أطلب علما شرعيا أرفع به الجهل عن نفسي
عشت مع الكتب سنين وسنين !
لكن ثمة فجوة وفاقة في قلبي ما سُدت !
أنا على يقين أني مع كتاب الله سيصلح شأني وتُسد فاقة قلبي
يا الله ما هذا ؟!!
نماذج لا أظنها قليلة في المجتمع
وإن نعق الناعقون
وتلبر الليبراليون
وتعلمن العلمانيون
تلك هي المرأة التي ينادون بإخراجها لتكون نادمة في مطعم !
أو كاشيرة في بقالة !
أو طيارة فوق السحب ! وهمتها في دينها ومع ربها لا تكاد تعلو فوق التراب !
أتساءل : أين إعلامنا عن تلك النماذج وأولئك الصالحات ؟؟!!
أم أنهن أصبحن من التراث القديم والعصر المتشدد ؟!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفريغ الدرس السادس من شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (الحق) جلّ جلاله

الدرس السابع و العشرون من شرح أسماء الله الحسنى ا سم الله: (الحفيظ) جل جلاله

الدرس العاشر من دروس شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (اللطيف) جل جلاله