الدرس العاشر من دروس شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (اللطيف) جل جلاله

اسم الله (اللطيف)آ جلّ جلاله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد اﻷنبياء و أشرف المرسلين سيدنا محمد و على آله وصحبه أفضل الصلاة و أتم التسليم اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له و من يضلل فلن تجد له وليا مرشدا و أصلي و أسلم و أبارك على حبيبي و قرة عيني محمد و على آله و صحبه أجمعين.
من أسماء الله سبحانه وتعالى اللطيف.
ما ألطف هذا اﻹسم و ما أعظم هذا اﻹسم و ما أجمل هذا اﻹسم و ما أحسنه و مل أسماء ربي حسنى.

اللطيف سبحانه: ( لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
اللطيف سبحانه الذي قال عن نفسه على لسان لقمان الحكيم: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)
اللطيف هو الرفيق.
اللطيف كما قال ابن اﻷعرابي الذي يوصل إليك إربك أي غرضك بظفي رفق و من هذا قولهم لطف الله أي أوصل إليك ما تحب في رفق.

اللطيف إنما يستحق هذا الاسم من يعلم دقائق المصالح سبحانه و غوامضها وما دق منها و مالطف ثم يسلك في إيصالها إلى المستصلح سبيل الرفق دون العنف؛ فإذا اجتمع الرفق في الفعل واللطف في الإدراك تم معنى اللطف.
وﻻ يتصور كمال ذلك في العلم والفعل إﻻ لله .
هذا كلام أبو حامد الغزالي رحمه الله.

اللطيف سبحانه الذي يلطف بعباده من حيث ﻻ يعلمون يسبب لهم مصالحهم من حيث ﻻ يحتسبون.
من لطفه بعباده سبحانه أن أعطاهم فوق الكفاية و كلفهم أقل من طاقتهم.
من لطفه بهم أنه يسر لهم الوصول إلى سعادة اﻷبد بسعي خفيف في مدة قصيرة.
من لطفه بنا أن يسر لنا سبل السعادة اﻷبدية بسعي خفيف بسعي قليل و يسير في مدة قليلة مدة الدنيا العمر هذا الذي نعيشه لو حسبناه ﻻ يقارن و ﻻ ينسب إلى الحياة اﻷبدية أبداً.

الله سبحانه وتعالى اللطيف له معنيان:
المعنى اﻷول: أنه الخبير الذي أحاط علمه باﻷسرار مالطف منها و دق من كل شيء لذلك نجد أن اسمه اللطيف سبحانه وتعالى اقترن في خمس آيات في خمس مواضع من القرآن باسمه الخبير ﻷنه يدل على إحاطته
احاطة علمه باﻷسرار و مالطف و ما دق من اﻷمور فالله سبحانه وتعالى قال: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)
و قال تعالى: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا)

المعنى الثاني: من معاني اللطف أيها اﻷخوة: لطفه بعبده و وليه الذي يريد أن يتم عليه إحسانه و يشمله بكرمه و يرقيه إلى المنازل العالية فييسره لليسرى و يجنبه العسرى يجري عليه أصناف المحن التي يكرهها العبد و تشق عليه و هي في الحقيقة عين صلاحه طريق إلى سعادته.

اللطيف هو الذي يمتحن عبده بما يكره لينيله ما يحب بلطفه و كرمه.
من تأمل هذه المعاني كان راضياً بما هو فيه كان فرحا بقضاء الله وقدره أيما كان مهما نظر إلى هذا القضاء على أنه شر فهو في اﻷخير و في الحقيقة هو لطف و خير عظيم من الله سبحانه وتعالى.

من أراد أن ينظر إلى لطف الله فلينظر إلى هذا الكون العظيم كيف أن الله سبحانه وتعالى لطف بعباده في كونه هذا.
أولاً في خلق اﻹنسان خلق هذا المخلوق الضعيف جنينا في رحم أمه خلقنا في اﻷرحام لطف من الله عناية ربنا و لطفه بأضعف الحيوانات هذا لطف من الله.

آثار هذا اﻹسم في الخلق:
لطف الله سبحانه وتعالى يظهر في كل شيء في هذه الدنيا في كل شيء في هذا الكون.
لطف الله سبحانه وتعالى يظهر في أدق اﻷمور في خلق اﻹنسان و في أنفسكم أفلا تبصرون لو تأمل اﻹنسان في نفسه و كيف لطف الله به في هذا الخلق في هذه الخلايا التي في جسده هذه الخلايا لو تأمل اﻹنسان في تجددها لرأى لطف الله به وهو أمر يسترعي اﻹنتباه فعلاً لدقته و كثرته سبحان الله عندما تموت خلية تأتي الخلية الجديدة لتحل محلها بالضبط دقة، الخلية الجديدة مكان الخلية القديمة لو لم يحدث ذلك لمات اﻹنسان و لذلك قال المتخصصون لعل هذا السبب في موت بعض الناس بمرض السرطان نسأل الله السلامة والعافية.
نمو خلايا البدن وتوزعها بشكل فوضوي غير منتظم على أن عدد الخلايا التي تموت وتستبدل بغيرها كبير ويكفينا أن نعلم أن في الساعة الواحدة تموت عشرة مليارات كرة حمراء من كريات الدم وعمر الكورية الواحدة مائة وعشرين يوماً على هذا الكريات الموجودة في الدم تتبدل كلها في مائة وعشرين يوم ويتجدد يومياً مائتان وأربعين مليار كورية حمراء لو تأملنا هذه الناحية بسيطة جداً في جسد اﻹنسان لو تأملناها و تأملنا كيف لطف الله أنا وأنت ﻻ نشعر بهذا كله يحصل في أجسادنا وغيره من الوظائف الكثيرة.

الدورة الدموية في جسد اﻹنسان عمل الكلى عمل كل اﻷجهزة التي في داخل جسم الإنسان هذه كلها أنا و أنت ﻻ نشعر كيف تعمل في حين أنه لو وخزتنا إبرة لتألمنا و قد يسبب هذا الوخز إن لم يكن بصورة صحيحة تو كانت اﻹبرة ملوثة أو أو أي شيء من هذا يسبب مرضا عضالا أو يسبب داء عظيماً .
من الذي يلطف بنا في كل هذا؟
الله سبحانه وتعالى الذي لم يفوته علم شيء دق أو صغر خفي أو ظهر فهو تحت لطف الله سبحانه وتعالى.

اللطيف سبحانه الذي يلطف بك في أقداره في قضاءه ينزل عليك البلاء تنزل عليك الشدة تنزل عليك المصيبة أنت تراها أعظم مصيبة و ترأها أعظم ابتلاء و تراها أعظم شدة في حين أن بها من لطف الله ما الله بها عليم أن بها من لطف الله ما لا تعلمها أنت وﻻ غيرك.
كم من الأحداث لو راجعت تاريخ حياتك لوجدت أن الله لطف بك فيها.

كم من الأحداث الله يلطف بنا ونحن نيام، يلطف بنا و نحن نذهب و نعود ونأكل ونشرب و نقوم و نجلس و نمارس أعمالنا كل ذلك من الذي يحركنا من الذي يتولانا ويتولى أمرنا من الذي يرأف بنا و بحالنا؟ من الذي يلطف بنا؟
إنه اللطيف سبحانه.

والله مهما لطف بك العباد ومهما رفق بك العباد ومهما رأف بك العباد ومهما رحمك العباد ليس كلطف اللطيف والله ليس كلطف اللطيف سبحانه وتعالى.
إنه بالغ الرأفة يريد بنا الخير يريد بنا اليسر كما قال سبحانه: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) يكفينا هذا القول: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)
من أراد بك اليسر لطف بك من أراد بك اليسر رأف بك!

من أراد بك اليسر اهتم بك من أراد بك اليسر رعاك من أراد بك اليسر حفظك من أراد بك اليسر تولاك سبحانه وتعالى من أراد بك اليسر يسر لك أسباب الرزق من أراد بك اليسر يسر لك أمر معاشك سخر لك الكون سخر لك أسباب ووسائل الحياة على هذه اﻷرض إنه اللطيف سبحانه وتعالى: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) 
انظر إلى هذه الدقة في الوصف حبة من خردل في صخرة أو في السماوات أو في اﻷرض لو أرادها لك الله يأت بها الله لماذا؟ ﻷنه اللطيف.
لكن متى يأتي بها الله؟ 
إن علم أن لك فيها خير.

لذلك ليس كل ما نريد ونتمى سيأتينا هذا مستحيل ﻷننا نحن بعقلنا القاصر وفهمنا القاصر ﻻ نعرف مالذي يصلحنا مما يضرنا مالذي ينفعنا مما يضرنا لكن اللطيف الخبير يعلم ذلك كله لذلك ليس كل أمر تتمناه يسوقه الله لك و ليس كل شدة وقعت فيها هي شر بل والله كل ما أنا وأنت فيه إنما لطف من الله سبحانه وتعالى.

إن ساق لنا الخير فهو لطف، وإن صرف عنا شرا ونحن نريد ذلك الشر ﻷنه في نظري و نظرك هو خير فهو لطف من الله سبحانه وتعالى والله يعلم و أنتم ﻻ تعلمون.
ما حظ العبد المؤمن من هذا الاسم؟
هذا الاسم الجميل هذا الاسم اللطيف هذا الاسم الرقيق على العبد أن يكون له نصيب من هذا اﻹسم.

النصيب الذي يجب أن يكون في اﻹسم الرفق في العباد التلطف بالناس كن رقيقا كن رفيقا بعباد الله إنما يرحم الله من عباده الرحماء كل ما كنت رحيما كلما كنت رفيقا
كلما كنت لطيفا لطف الله بك عاملك بما تعامل به خلقه إن عاملت خلقه بالرفق عاملك بالرفق إن عاملت خلقه باللطف عاملك باللطف إن عاملت خلقه بالرأفة عاملك بالرأفة إن عاملت خلقه بالرحمة عاملك بالرحمة فليكن لك حظ كبير من هذا اﻹسم.

تلطف بعباد الله تلطف بأبناءك تلطف بأهلك تلطف بمن تدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى تدرج بالناس في مراقي بالفلاح ﻻ تجبرهم على ما تريد ﻻ تجبرهم على اﻹنسياق إلى ما تحب و ما تريد أنت أو حتى و إن كنت تريد أن تأخذ بأيديهم إلى الله سبحانه وتعالى حتى لو كنت تدعوهم إلى الله تدرج بهم بالترقي تدرج بهم ألطف بهم محمد صلى الله عليه وسلم الذي له أعظم المعاني التي وهبه الله إياها من هذا الاسم العظيم في لطفه صلى الله عليه وسلم في رحمته في رأفته كما أخبر الله سبحانه وتعالى عنه:
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)

و هو كان أحرص مني و منك على هداية الناس صلى الله عليه وسلم لكن مع ذلك كان رفيقا رقيقا رحيما:
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)

إذاً كن لطيفا مع عباد الله أنا وأنت لسنا بأعظم هما من محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان همه و فكره كله كيف تهتدي أمته كيف تكون هذه اﻷمة من أهل الجنة كيف أن هذه اﻷمة تكون مطيعة لربها سبحانه وتعالى كيف كان حريصاً على هداية هذه اﻷمة و سعادتها رغم ذلك لم يكن عنيفاً ولم يكن مخاصما لم يكن مغاضبا صلى الله عليه وسلم لم يكن فاحشا وﻻ متفحشا فليكن لنا نصيب من هذا الاسم.

و أحسن وجوه اللطف في الدعوة إلى الله أن نعرض على الناس هذه الدعوة بالحكمةبالموعظة الحسنة أن نجادلهم بالتي هي أحسن كما أمرنا الله تعالى.

اللطف أيضاً ليس للدعاة حتى لعامة الناس وحتى نصل إلى اللطف فعلاً في التعامل والرفق والرحمة والرأفة والتلطف بعباد الله فلنكثر القراءة في السيرة النبوية في الشمائل المحمدية وفي السيرة العطرة المرضية سيرة محمد صلى الله عليه وسلم كيف كانت سيرته و كيف كان تعامله مع أصحابه مع زوجاته مع اﻷطفال مع الكبار في السن حتى مع الكفار كيف كان لطفه صلى الله عليه وسلم.

إذاً نسعى بأن نحوز أكبر قدر من معاني اللطف في تصرفاتنا و في شخصياتنا و في تعاملنا مع العباد و لنعلم أنه كلما كان هذا العبد لطيف رحيم رؤوف كلما كانت أوقع ألطف في قلوب الناس ويكون أحب إلى الله تعالى أولاً ثم إلى عباده ثانياً فيكتب الله له القبول في قلوب العباد و بينهم.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يلطف بنا و أن يتقبلنا و يحسن قبولنا و أن يلطف بنا فيما جرت به المقادير إنه ولي ذلك و القادر عليه.
هذا و الله أعلم إن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي والشيطان و الله و رسوله بريئان مما أقول و صلى الله وبارك على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين.

تفريغ طالبة علم
نفع الله بها وأحسن إليها وجعل هذا العمل في موازين حسناتها


مراجعة: الأستاذة سوزان المشهراوي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفريغ الدرس السادس من شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (الحق) جلّ جلاله

الدرس السابع و العشرون من شرح أسماء الله الحسنى ا سم الله: (الحفيظ) جل جلاله