تفريغ الدرس السادس من شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (الحق) جلّ جلاله


اسم الله: (الحق) جلّ جلاله

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على سيد اﻷنبياء و أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة و أتم التسليم.
اللهم ربنا لك الحمد كله و لك الملك كله و بيدك الخير كله و إليك يرجع اﻷمر كله علانيته وسره فأهل أنت أن تحمد و أهل أنت أن تعبد إنك على كل شيء قدير.
اللهم ربنا لك الحمد أنت قيوم السماوات واﻷرض ومن فيهن و لك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن أنت الحق و قولك الحق وعدك الحق ولقاءك حق و الجنة حق والنار حق والساعة حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق.
وأصلي وأسلم و أبارك على حبيبي وقرة عيني محمد وعلى آله و صحبه وسلم تسليماً كثيرًا.

نقف بإذن الله تعالى في درسنا اليوم مع اسمه تعالى: (الحق)
ورد هذا الاسم في قوله تعالى: (فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ)
كذلك ورد في قوله تعالى: (فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ)
الله تبارك وتعالى هو الملك الحق الموجود حقيقة الذي ﻻ يسع أحد إنكاره وﻻ جحوده وﻻ ريب فيه و ﻻ شك في وجوده يقول الإمام السعدي في معنى اسمه الحق

قال رحمه الله تعالى:
"الحق: في ذاته، وصفاته، فهو واجب الوجود كامل الصفات والنعوت، وجوده من لوازم ذاته، ولا وجود لشيء من الأشياء إلا به.
فهو الذي لم يزل، ولا يزال بالجلال، والجمال، والكمال، موصوفًا.
ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفًا.
فقوله حق، وفعله حق، ولقاؤه حق، ورسوله حق، وكتبه حق، ودينه هو الحق، وعبادته وحده لا شريك له هي الحق، وكل شيء إليه فهو حق منه سبحانه وتعالى.
الله تعالى حينما خلق العباد خلقهم لعبادته.

من علم أن الله حق وأن دينه حق و أن شرعه حق ورسله حق و كتابه الذي أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
فعليه أن يتفرغ لعبادة الله لأن الغاية التي خلق ﻷجلها هي عبادة الله تعالى.
اﻹنسان ما خلق ليلهو ما خلق ليلعب.
نحن ما خلقنا عبثًا خلقنا لنؤدي رسالة نحن خلقنا لنؤدي أمانة أناطها الله بنا قد أشفقت عن حملها السماوات والأرض و الجبال وحملها اﻹنسان إنها أمانة الدين إنها أمانة التوحيد الذي كلفنا الله إياه ﻷنه الحق سبحانه وتعالى.

الله سبحانه وتعالى الحق الذي رزق الخلائق الذي يملك السمع واﻷبصار الذي يخرج الحي من الميت والميت من الحي الذي يدبر اﻷمر في العالم العلوي و العالم السفلي ﻻ تأخذه سنة و ﻻ نوم إله حق عليم سبحانه وتعالى.
حق قادر على كل شيء، و خالق لكل شيء، ﻻ يأتي بالحسنات إلا هو وﻻ يدفع السيئات إﻻ هو سبحانه ذو اﻷسماء الحسنى والصفات العلى ذو العظمة والجلال والكبرياء سبحانه أﻻ يستحق بعد هذا كله أن يطاع أن يعبد أن يشكر سبحانه وتعالى.
الله سبحانه وتعالى يرزقنا يعطينا فينعم علينا نعصيه فيغفر لنا نبتعد عنه فيتقرب إلينا نجحده فيتفضل علينا و يرزقنا و ﻻ يمنعنا سبحانه وتعالى.

أليس هذا اﻹله سبحانه الحق أحق أن يعبد أحق أن يطاع أحق أن يشكر؟
ما أجهل وما أضل من ينصرف عن عبادة الله إلى عبادة غيره: (فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ)
الله سبحانه وتعالى هو الحق فدينه حق و دينه ظاهر على الدين كله هو الدين القوي بذاته الكامل بشرائعه المحفوظ من التبديل موافق للقلوب موافق للجوارح موافق للأرواح، حسنه الله في قلوب عباده ﻷنه حق سبحانه وتعالى.
من علم أن هذا الدين هو الحق فليثق في أن الله سبحانه وتعالى سينصر هذا الدين، فليثق و ليكن على يقين بأن الله سبحانه وتعالى ناصر عباده، بأن الله سبحانه وتعالى مظهر دينه ﻷن هذا الدين هو الحق من الحق سبحانه وتعالى.

من علم أن سبحانه وتعالى هو الحق فعليه أن يشعر بالسرور عليه أن يشعر بالغبطة أن يشعر باﻹنشراح ﻷن الله تعالى هداه لهذا الدين الحق، ﻷن الله سبحانه وتعالى وفقه لهذا الدين الحق، هو دين اﻹسلام.
إذا علم العبد أن ربه هو الحق سبحانه وتعالى نزل في قلبه الرضا و الطمأنينة بما يصيبه من أقدار من مصائب من ابتلاءات من شدائد ﻷنه يعلم أن الحق سبحانه هو الذي أوجد ذلك كله و أنه لن يكن شيء إﻻ بعلمه سبحانه وتعالى، فقضاؤه حق، وقدره حق، فعلى العبد أن يطمئن أن يرضى بما قدر الله له سبحانه وتعالى.

وﻷن الله هو الحق فعلى العبد التسليم التام ﻷحكامه.
أن يسلم التسليم التام ﻷحكام الله لشرع الله فيما أمرنا به فيما نهانا عنه.
علينا إذا علمنا أن الله هو الحق أن نثق في أن وعده هو الحق في أن عطاؤه حق سبحانه وتعالى.
الله وعدنا بالفرج وعدنا بالنصر فعلينا أن نبذل أسباب نبل هذه الوعود الله ،وعدنا و من أصدق من الله قيلا، و من أصدق من الله حديثاً، وعد الله حقا.
الله سبحانه وتعالى قال: ( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ،،إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)
هذا وعد من الله أن كل عسر يقابله يسران.
إذاً هذا يدل على أن الله عز وجل يخفف عن عباده رحيم بعباده لطيف بعباده فعلى العباد أن يثقوا  بموعوده سبحانه وتعالى.

وعدنا بالفرج إذاً سيفرج همنا، و سيغفر ذنبا،،
وعدنا بالمغفرة إذًا سيغفر ذنبنا ﻷنه الغفور سبحانه وتعالى،،
وعدنا بالنصر إذاً سينصرنا ﻷنه المولى النصير سبحانه وتعالى،،
إذاً فاسمه الحق سبحانه وتعالى اسم عظيم على العبد أن يجرد محبته لله سبحانه وتعالى الحق.
نحن نحب كل شيء في هذه الدنيا تختلف محاب العباد؛ هذا يحب ذا و هذا يحب ذاك و كل محبوب دون الله فهو باطل، كل ما خلا الله باطل و كل محبوب يوصلنا إلى غير الله و ﻻ يقربنا من الله فهو باطل.

إذاً علينا أن نجرد المحبة له وحده الحق، ﻷنه حق محبته حق.
إذا أحببناه ربحنا، إذا أحببناه أفلحنا، إذا أحببناه سكنت قلوبنا و اطمأنت نفوسنا، إذا أحببناه رضينا بقضائه رضينا بقدره اطمأنت نفوسنا لقضائه.
إذا أحببناه أطعناه إذا أحببناه شكرناه هذا كله من آثار اﻹيمان باسمه الحق ﻷنه الحق فهو يستحق الحب وحده و يستحق العبادة وحده و يستحق الذل والانكسار وحده سبحانه وتعالى وكل محبة دونه محبة باطلة إﻻ محبة قربتنا منه سبحانه وتعالى إﻻ محبة رفعتنا إليه سبحانه وتعالى إﻻ محبة أعانتنا على محبته سبحانه وتعالى.

الحق سبحانه وتعالى من آثار اﻹيمان باسمه ﻷنه حق فهو يحب أن يظهر الحق على عباده، أن يظهر الحق على ألسنة عباده أن ﻻ ﻻ يتحدث عباده إﻻ بالحق فهو ﻻ يستحيي عن بيان الحق للناس.
إذاً فعلى العبد المؤمن أﻻ يستحيي من بيان الحق للناس و إظهاره للناس بأنواع اﻷمثلة الحسية التي تعينهم على فهم الحق قبوله و اﻹعراض عما سواه من الباطل.
قربي الناس لله قربي الناس للحق سبحانه وتعالى بين لهم أن إلههم حق و أن دينه حق أن شرعه حق سبحانه وتعالى هذا الدين حق أظهره الله على الدين كله سبحانه وتعالى.
إذاً ﻻ بد أن يكون له النصر في يوم من الأيام لا بد أن ترتفع راية ﻻ إله إلا الله، ﻻ بد أن ينصر الله عباده ﻻ بد أن ينصر الله دينه كما سبحانه وتعالى وعد ﻷن وعده حق.

( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ ) ثم اشترط الله شروطًا و وضع أسبابا
(يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ) عبادة الله توحيد الله إقام الصلاة و إيتاء الزكاة  إقامة شرع الله في اﻷرض كل ذلك من أسباب نيل وعد الله الحق في التمكين منه سبحانه وتعالى.
من آثار اﻹيمان باسمه الحق: أن يحرص العبد على أن ﻻ يتعلم إﻻ الحق، أن يكون علمه كله حق فلا يلجأ إلى العلوم الباطلة والعلوم التي تقوده إلى الجهل وﻻ تقوده إلى العلوم التي تأخذ بيده إلى إلهه الحق الذي تقربه إلى إلهه الحق.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه و يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.

أخيراً:
حظ المؤمن من اسم الله الحق:
أن ينظر العبد إلى نفسه بأنه باطل من دون الله.
بأن العبد باطل بذاته من دون الله ﻷن الله سبحانه وتعالى هو الحق و به كان هؤلاء العباد و كل شيء موجود بالله ليس بذات الشيء فأناو أنت ليس موجودن في هذه الدنيا إلا بالله و ﻻ تقوم لنا قائمة إﻻ بلا إله الحق سبحانه وتعالى لم يكن في هذه الدنيا من شيء واﻹنسان بالذات شيئاً فخلقه الله تعالى و من عليه بالحياة و الوجود و قد كان عدما كان ﻻ شيء: (هَلْ أَتَىٰ عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا)
اﻹنسان ينظر إلى نفسه بأنه باطل من دون الله وأنه ﻻ يسوى شيء من دون الله بأنه ليس له قيمة من دون الله ﻷن الله تعالى هو الحق هو الذي أوجده و لوﻻ إيجاد الله سبحانه وتعالى له لما وجد هذا العبد.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن علينا بموعوده وأن يرزقنا صدق التوكل عليه و الثقة به و الثقة بما عنده سبحانه وتعالى هذا و الله أعلم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين.

سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن ﻻ إله إﻻ أنت استغفرك و أتوب إليك.



تفريغ طالبة علم
نفع الله بها وأحسن إليها وجعل هذا العمل في موازين حسناتها
مراجعة: الأستاذة سوزان المشهراوي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدرس السابع و العشرون من شرح أسماء الله الحسنى ا سم الله: (الحفيظ) جل جلاله

الدرس الرابع والعشرون من شرح أسماء الله الحسنى: اسم الله((الجبار))