مشاقة الرسول ومبادرة الهلاك (الشريط الأبيض)


قال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }

المشاقة - لغة - أن يأخذ المرء شقاً مقابلاً للشق الذي يأخذه الآخر  والذي يشاق الرسول r هو الذي يأخذ له شقاً وجانباً وصفاً غير الصف والجانب والشق الذي يأخذه النبى r ومعنى هذا أن يتخذ له منهجا للحياة كلها غير منهجه , وأن يختار له طريقا غير طريقه.

وإن المـتابع لبعض القضايا المطروحة في الساحة وعلى أرض الواقع والتي منها ما يسمى بالمبادرات المنبثقة من بعض الشخصيات التغريبية, يعي جيداً أنها صورة لمشاقة الرسول r والانحراف عن منهجه.

ذلك أن الرسول r جاء يحمل من عند الله منهجا كاملاً للحياة يشتمل على العقيدة والشعائر التعبدية والأخلاق والقيم كما يشتمل على الشريعة والنظام الواقعي لجوانب الحياة البشرية كلها كاملة من كافة جوانبها .

وهذه وتلك كلتاهما جسم هذا المنهج , بحيث تزهق روح هذا المنهج إذا شطر جسمه فأخذ منه شق وطرح شق !

والذي يشاق الرسول صلى الله عليه وسلم هو كل من ينكر منهجه جملة , أو يؤمن ببعض ويكفر ببعض , فيأخذ بشق منه ويطرح شقا !
ولقد خرجت علينا ما تسمى بــ (مبادرة الشريط الأبيض) والتي يذكرني مسماها بمصطلح السلاح الأبيض, الذي يُستخدم في الدفاع عن النفس وفي ذات الوقت يكون سبباً في القتل !
إني لأجد تلازماً كبيراً بين المصطلحين!

تلك المبادرة المتوجة المزينة المزخرفة بإنهاء العنف ضد المرأة أو بمكافحة أشكال العنف ضد المرأة أو سمها ما شئت, لا تزيد عن كونها قتلاً للمرأة وهدماً لقيمها وأخلاقها من خلال تمرير أجندة دولية فاسدة معارضة لشرعنا الإسلامي وقيمنا الكريمة!
وهي صورة واضحة من صور مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم والانحراف عن منهجه الذي أرسل به من أحكم الحاكمين.

استندت تلك المبادرة على قواعد غربية تغريبية في بعض بنودها مشاقة لمنهج الله ورسوله تعارض الشرع في المقام الأول ثم المبادئ والقيم في المقام الثاني, حجة أصحابها في ذلك إنهاء الممارسات السلبية ضد المرأة.

نحن لا ننكر أن هناك ممارسات خاطئة وسيئة في المجتمعات الإسلامية تجاه المرأة, وذلك عائد لذوات الشخصيات التي مارست تلك الممارسات لسوء خلق أو ضعف دين أو اختلال نفس!
لكن جميع تلك الممارسات السلبية ليست حجة على الدين والشرع حتى تُستبدل الشرائع والأخلاق بفظائع من القول والعمل, بل هي حجة على أصحابها الذين مارسوها!

وتلك الممارسات ليست مبرراً أن تستبدل بسببها شرائع ربانية إلهية بشرائع وضعية وأخلاق بهيمية (إن صح الوصف).
فأن تستبدل العفة بالرذيلة, ويستبدل الزواج بالخلة, والقوامة بالحرية المطلقة, فذاك لا يقبله عقل ولا ترضاه فطرة سليمة!

وهذه دعوة لأولئك القوم الذين انحرفوا عن اتباع المنهج الرباني وركضوا لإرضاء من لا يرضوا عنهم حتى يتبعوا ملتهم؛ أن يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم.

فقد اقتضت رحمة الله بالناس , ألا يحق عليهم القول , ولا يصلوا جهنم وساءت مصيرا , إلا بعد أن يرسل إليهم رسولا, وبعد أن يبين لهم, وبعد أن يتبينوا الهدى, ثم يختاروا الضلالة.
وهي رحمة الله الواسعة الحانية على هذا المخلوق الضعيف المتمثلة في لطف الله بعباده في تشريعاته وأوامره ونواهيه ثم إمهاله ليقوم بها ويحققها.

 فإذا تبين لهذا العبد ذلك الهدى من رب العالمين وعلم أن هذا المنهج من عند الله, ثم شاق الرسول rفيه , ولم يتبعه ويطعه , ولم يرض بمنهج الله الذي تبين له , فعندئذ يكتب الله عليه الضلال , ويوليه الوجهة التي تولاها , ويلحقه بالكفار والمشركين الذين توجه إليهم . ويحق عليه العذاب المذكور في الآية بنصه:

{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً } 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفريغ الدرس السادس من شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (الحق) جلّ جلاله

الدرس السابع و العشرون من شرح أسماء الله الحسنى ا سم الله: (الحفيظ) جل جلاله

الدرس العاشر من دروس شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (اللطيف) جل جلاله