إجابة سؤال ..!

سألتني: كيف أتغلب على الألم؟
فأثارت في قلبي أشجاناً !
وحركت آمالاً!

والأمة تمر بهذه الأزمة العصيبة من قتل وتشريد وظلم وطغيان وقهر وذلة فإنك تجد الهموم تعصف بقلب كل ذي قلب ..
وتنشب آلام بالنفوس لايقتلعها إلا نصر من الله وفتح قريب!
والمؤمن وسط كل تلك الهموم والآلام يحتاج يداً حانية ولمسة صادقة تخفف من لوعة الألم وسيطرته!
كما يحتاج منهجاً واضحاً وطريقاً مستقيماً يسير عليه يكون سبباً لنجاته من وحل القنوط وغياهب اليأس!

وليس من يدٍ أحن من يد الإيمان بالقضاء والقدر والرضا بالمقسوم!
وذلك يكون حينما يتقرر في النفس أن المصائب والابتلاءات أقدار مقدرة لايمكن تقديمها ولاتأخيرها ولا تغييرها؛ (رُفعت الأقلام وجفت الصحف)

وأن الإيمان بها والرضا من أعظم أسباب هداية القلب وانشراحه وهدايته:
(ماأصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهدي قلبه)

وأن جميع تلك المصائب والابتلاءات إنما هي في سابق علم الله الذي يعلم الأمور قبل وقوعها ولايخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء!
(ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير*لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ...)

كل ذلك وغيره يضفي على قلب المؤمن وابلاً من الرضا يطفئ أخاديداً من الألم والهم!

أما المنهج والطريق الذي يحتاجه المؤمن لينجو من وحل القنوط وغياهب اليأس؛
فلا طريق أأمن من طريق أشد الناس ابتلاءاً (الأنبياء والصالحين)

فهذا حبيبنا وقرة أعيننا تعصف به المحن؛ فيفقد أباه ثم أمه ثم جده ثم أحن الناس عليه عمه ثم قرة عينه زوجته وحبيبته خديجة رضي الله عنها- ثم أصحابه وأحبابه، ويؤذيه قومه ويستهزؤون به ويتسلطون عليه وعلى أصحابه؛ فيضيق صدره ويحزن قلبه الرؤوف الرحيم فيثبته ربه وخليله وحبيبه ويواسيه ويرشده للعلاج الناجع بإذنه-سبحانه-: (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولاتستعجل لهم)
(واصبر وما صبرك إلا بالله ولاتحزن عليهم)
(ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )

وإن من أعظم أسباب انشراح الصدر والتغلب على مرِّ الآلام تحقيق العبودية لرب البرية وتحقيق الاتباع والاتساء بخير البرية من الرسل والأنبياء وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم.

ففي الأولى يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: فأعظم أسباب شرح الصدر: التوحيدُ وعلى حسَب كماله، وقوته، وزيادته يكونُ انشراحُ صدر صاحبه، 
قال اللَّه تعالى: ﴿أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّنْ رَبِّه﴾

وفي الثانية يقول -رحمه الله-: (الهُدى والتوحيدُ مِن أعظم أسبابِ شرح الصدر)
الْهُدى الذي هو ضد الضلالة، الذي هو المتابعة -صحة المتابعة والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم.

أخيراً هذه وصايا مختصرة جالبة لانشراح الصدر وسكون القلب:
1- تحقيق التوحيد بالذات المتعلق بجانب الإيمان بأسماء الله وصفاته والإيمان بالقضاء والقدر.
2- التأسي بالحبيب صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله في صبرهم وثباتهم وصمودهم وذلك بمطالعة قصصهم مع أقوامهم في طريق الدعوة إلى الله.
3- نظر صاحب المصيبة في حال من هو أشد منه مصيبة وابتلااءً فذلك أجدر أن لا يسخط على حاله.
4- الارتباط بكتاب الله تعالى والعيش مع آياته وعبره وعظاته.
5- كثرة ذكر الله تعالى واللهج بالتسبيح والتهليل والتكبير.
6- كثرة الاستغفار والتوبة.
7- طلب العلم الشرعي من علماء ربانيين صادقين.
8- صدق اللجوء والتضرع لمالك الملك وكثرة الدعاء مع الايقان بالإجابة ولو بعد حين.
عدم استبطاء الفرج؛ فأفضل العبادة انتظار الفرج.
9- الالتفاف حول صحبة صالحة تقربك من الله وتعينك على التفاؤل ونبذ اليأس.

هذا من فاض به القلب وأسعف به القلم خططته على وجه السرعة أرجو به نجاتي ونجاة من يقرأه ويطلع عليه وينشره.
والله تعالى أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدي وحبيبي وقرة عيني محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.

كتبته/ سوزان بنت رفيق المشهراوي
عشية الخميس ليلة الجمعة الموافق: 29/10/1434هــ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفريغ الدرس السادس من شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (الحق) جلّ جلاله

الدرس السابع و العشرون من شرح أسماء الله الحسنى ا سم الله: (الحفيظ) جل جلاله

الدرس العاشر من دروس شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (اللطيف) جل جلاله