الدرس السابع و العشرون من شرح أسماء الله الحسنى ا سم الله: (الحفيظ) جل جلاله

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين

و الصلاة و السلام على سيد الأنبياء و أشرف المرسلين.

الحمد لله رب العالمين الحمد لله العظيم الذي لا أعظم منه الكبير الذي لا أكبر منه العلي الذي لا أعلى منه.

الحمد لله الذي هو على كل شيء قدير و بكل شيء عليم.

الحمد لله على أسمائه و صفاته و أفعاله.

الحمد لله حمدا كما يحب ربنا و يرضى.

نشرح بإذن الله تعالى في هذا اللقاء اسم الله تعالى الحفيظ الحافظ.

ورد هذان الإسمان في قوله تعالى: (و ربك على كل شيء حفيظ...)

و قال سبحانه وتعالى: ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )

و قال سبحانه تعالى: (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)

سبحانه الحفيظ الذي حفظ ما خلقه و أحاط علمه بما أوجده.

حفظ الخلق أجمعين برهم و فاجرهم مؤمنهم و كافرهم.

حفظ أولياؤه من الوقوع في الذنوب و المهلكات.

لطف بهم سبحانه في حركاتهم و سكناتهم و أحصى على العباد أعمالهم.

الحافظ سبحانه أي العالم الذي يعلم كل شيء و لا يغيب عنه شيء.

الحافظ الحفيظ سبحانه الذي يحفظ عباده من المهالك و المعاطب الذي يقيهم مصارع السوء يحفظ عليهم أعمالهم يحصي عليهم أقوالهم يعلم نياتهم يعلم ما تكنه صدورهم لا تغيب عنه غائبة و لا تخفى عنه خافية سبحانه الحافظ لكل شيء.

حافظ لسماوته السبع و ما فيهن و اﻷرض السبع و ما فيهن سبحانه يحفظ السماء أن تقع على الأرض إﻻ بإذنه يمسكها سبحانه بقدرته: 

(إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا ۚ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ)

الحفيظ يحفظ كل ذلك بلا مشقة و لا كلفة كما قال عن نفسه سبحانه: 

( وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)

الحافظ الحفيظ وحده لا شريك له الذي خلق هذا الكون العظيم و تكفل بحفظ كل شيء في هذا الكون:

( إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ)

المحفوظ من حفظه الله و المحفوظ ما حفظه الله و المحفوظ ماشاء الله له أن يحفظ و يبقى و المحفوظ من منع الله عنه الضياع و الهلاك و كل شيء خرج من حفظ الله فهو ضائع هالك لا محالة.

الله سبحانه الذي تكفل بحفظ السماوات والأرض وما فيهما و العرش و الكرسي و الجنة والنار و القرآن و بيته الحرام كل ذلك باق على ما خلقه الله.

الله تعالى تكفل بحفظ القرآن: 

( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) 

فهو باق على ما أنزله الله باق بحفظ الله كما أنزله الله.

الله تعالى سبحانه حينما أنزل القرآن و تكفل بحفظه حغظه حال إنزاله حفظه بعد إنزاله فكيف كان ذلك الحفظ؟

في حال إنزاله حفظه إستراق الشياطين.

و بعد إنزاله حفظه سبحانه في قلبه رسوله صلى الله عليه وسلم ثم حفظه في قلوب عباده المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ثم حفظ حملته حملة القرآن محفوظون بحفظ الله.

حملة القرآن المخلصين الصادقين المبتغين به وجه الله يحفظهم الله فلا يسلط عليهم عدو يجتاحهم و لا يسلط عليهم وباء يهلكهم سبحانه حفظ كتابه و الفاظ كتابه من التغيير و الزيادة و النقص حفظ معاني كتابه من التبديل سبحانه حفيظ و حفظ من حمل كتاب الله في قلبه.

سبحانه تبارك وتعالى الحفيظ الذي يحفظك من الشرور و اﻵفات يحفظك من المهالك يحفظك من العقاب من العذاب من السخط و لكن بشرط إن حفظت حدود الله و اجتنبت محارم الله.

يخاطب نبينا صلى الله عليه وسلم ذلك الغلام ابن عباس رضي الله عنه يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده اتجاهك

أي احفظ حدوده إنتهي عما نهى عنه افعل ما أمرك به يحفظك الله احفظ شرع الله يحفظك الله احفظ أوامر الله يحفظك الله احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده اتجاهك

كل ما وقعت في ضائقة تجده اتجاهك كلما احتجت إليه تجده معك تجده اتجاهك يحفظ أمورك يدبر أمورك ييسر أمورك لكن احفظ الله احفظ دين الله.

من أعظم ما يجب أن يحفظه العبد من حقوق الله و من دين الله هو التوحيد:

(قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ ۚ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ) 

من آمن بالله و عبد الله بما شرعه رسوله صلى الله عليه وسلم و حفظ ذلك في الدنيا و استقام على شرع الله حفظه الله في دنياه و آخرته.

حفظه في الدنيا من كل ما يؤذيه حفظه في الدنيا من كل ما يضره حفظ عليه دينه و حفظ عليه قلبه و حفظ عليه إيمانه حفظه من شرور الدنيا حفظه من كل ما يفسد عليه دنياه و آخرته.

و يحفظه في اﻵخرة من عذاب يوم القيامة و يسلمه منه و يدخله الجنة و يجيره من النار حتى إن عذب بسبب ذنوبه فهو محفوظ بكلمة التوحيد من الخلود في النار، حتى و إن كان له ذنوب و عذب بقدرها في النار فإنه سيخرجه من النار لا محالة ﻷنه من أهل التوحيد.

 و يحفظه في الجنة و يخلده مع الخالدين في جنات النعيم و ينجيه من الجحيم.

و من أعظم ما أمر الله بحفظه أيها اﻷكارم في دينه بعد التوحيد الصلاة:

(حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)

المحافظة على الصلاة شيء عظيم فمن حافظ على الصلاة و على أركانها و شروطها حفظه الله في الدنيا من كل سوء من كل شر أحاطه برعايته أحاطه بعنايته أحاطه برحمته.

 من قدم الصلاة على كل شيء قدمه الله على كل شيء من حافظ على الصلاة حافظ الله عليه.

 من حافظ على الصلاة حفظه الله في الدنيا و في الآخرة من العذاب و من النقمة و أدخله الجنة" الصلاة الصلاة التي أوصانا به النبي صلى الله عليه وسلم "الصلاة الصلاة و ما ملكت أيمانكم.

و ما أكثر من يضيع الصلاة هذه الأيام نسأل الله الصلاح و الهداية للجميع.

و مما أمر الله بحفظه السمع و البصر و الجوارح و الفؤاد:

(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا )

المؤمن مأمور بحفظ دينه جميعه فلا يجوز له أن يترك منه شيئاً حينما يعارض ذلك الشرع هواه و مصلحتها استقيموا .

قل آمنت بالله ثم استقم.

الإستقامة على دين الله و على شرع الله فلا يترك بعض شرع الله لهواه و مصلحته و شهوة نفسه و رضا نفسه و هواه يستقيم و يجاهد ؛ على ما قدر على قدر ما تأتيك الهداية و على قدر ما يحفظ الله عليه دينه و قلبه من الزيغ و من المرض.

 و كلما كان العبد أحفظ لدين الله و كلما كان العبد أكمل في حفظ دين الله كان حفظ الله له أكمل و أتم و أدوم.

من حفظ حدو د الله و راعى حقوقه تولى الله حفظه في أمور دنياه و دينه و آخراه.

و ما حفظه الله ﻻ يضيع إن حفظك الله من التضييع و لا أجمعت المخلوقات كلها على إضاعته و إتلافه فلن يضيع أبداً

و اعلم أن اﻷمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إﻻ بشيء قد كتبه الله لك، و لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إﻻ بشيء قد كتبه الله عليك رفعت اﻷقلام و جفت الصحف.

احفظ الله يحفظك.

احفظ سمعك فلا تسمع به إﻻ ما يرضي الله .

احفظ الله بصرك قلا تنظر به إﻻ إلى ما يرضي الله .

احفظ قلبك و عقلك من أن يتعلق بشيء غير الله أو من يتعلق بما يغضب الله و يسخطه.

احفظ قلبك من أن ينشغل بغير الله .

احفظ جميع جوارحك فلا تتحرك تلك الجوارح إﻻ بما يرضي الله إلا بما يحب الله.

 قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي و أنا معه حين يذكرني إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي و إن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ هم خير منه و إن تقرب مني شبرا تقربت إليه ذراعا و إن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا و إن آتاني يمشي آتيته هرولة. سبحان الحفيظ الغني عنك لكنه يتودد إليك ،لكنه يتقرب منك لكنه يحفظك إن أنت أقمت شرعه و دينه و أقمت أوامره الله عز وجل.

هو الحافظ الذي يحفظ أعمال العباد فلا يضيع منها شيء و لا يخفى عليه شيء هذا من معاني اسمه الحافظ سبحانه أنه يحفظ على العباد أعمالهم لا يخفى عليه شيء سواء كان صغيرا أو كبيرا ثم يوافيه بتلك الأعمال يوم القيامة إن خيراً فخير و إن شر فشر قال تعالى:

(وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ، وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ)

و قال سبحانه في حديث قدسي:

" إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها أي أحفظها لكم و أحصيها عليكم و أكتبها لكم فمن وجد خيراً فليحمد الله و من وجد غير ذلك فلا يلومن إﻻ نفسه.

و قد وكل الله بحفظ جميع الأعمال حفظة كرام من الملائكة يحفظون علينا أعمالنا ويكتبونها و يسترونها:

( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ، كِرَامًا كَاتِبِينَ، يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) 

فكل شيء مسجل علينا و محفوظ علينا يوافينا الله به يوم القيامة.

حفظ الله تعالى لخلقه نوعان:

حفظ عام:

يحفظ جميع المخلوقات.

كيف يحفظ جميع المخلوقات؟

ييسر لها ما يقيها يحفظ أبدانها يلهمها تدبير شؤونها يلهمها كيف تسعى فيما يصلحها كل مخلوق على حسب خلقته كما قال سبحانه:

الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ)

حتى الكافر محفوظ حتى العاصي محفوظ حتى الحيوانات و النباتات محفوظة و الجبال و السماء والأرض كل شيء محفوظ بحفظ الله.

هذا حفظ عام.

أما الحفظ الخاص:

نسأل الله أن يبلغنا و إياكم.

حفظ خاص ﻷوليائه سبحانه.

و هذا الحفظ زائد على الحفظ السابق.

كيف يحفظه؟

يحفظه عما يضر إيمانه يحفظه فيما يزلزل قلوبهم يقينهم وقت الفتن و الشبهات و الشهوات فيعافيهم منها سبحانه.

يعافيهم من الفتن يعافيهم من الشبهات من الشهوات حتى و إن وقعوا فيها ﻷنهم بشر لا محالة و إﻻ يقعوا في الذنوب و المعاصي و الشهوات يخرجهم منها بسلام و يحفظ عليهم دينهم و يحفظ عليهم عافية قلوبهم و أبدانهم.

يحفظهم من أعدائهم من الجن و الإنس ينصرهم عليهم يدفع كيدهم هؤلاء أولياء الله الذين حفظوا دين الله حفظوا شرع الله.

أيها العبد:

بقدر حفظك ﻷوامر الله بقدر ما يحفظك الله.

بقدر حفظك لشرع الله بقدر ما يحفظك الله.

بقدر حفظك لجوارحك بأن لا تقع فيما حرم الله بقدر ما يحفظ الله عليك شبابك و يحفظ عليك عافيتك.

بقدر حفظك لكلمة التوحيد بقدر ما يحفظك الله تعالى من كل ما يضر دينك.

يحفظ الله قلبك يحرس دينك من الكفر و النفاق و الفتن و اﻷهواء لذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم أحفظنا باﻹسلام قائمين و أحفظنا باﻹسلام قاعدين و أحفظنا باﻹسلام راقدين و لا تشمت بنا الأعداء و لا الحاسدين.

هذا هو الحفيظ سبحانه.

احفظ الله يحفظك.

اجعل هذه القاعدة أمامك دائماً ذكر بها نفسك ذكر بها من تربيه قل لهم دوماً و قل لنفسك احفظ الله يحفظك.

كان أحد السلف يقول:

احفظ الله و نم حيث شئت.

لا تخف من شيء لا من حيوان و لا من إنسان و لا من عدو حينما تحفظ الله نم في أي مكان  واذهب إلى أي مكان و اعلم أن الله سيحفظك على كل حال و يحفظك في أي مكان و في أي وقت و في أي زمن لو كادوا لك من السماوات و من في الأرض و الله لن يضروك شيء إن حفظك الله.

اطلبوا حفظ الله كيف؟

اطلبوا حفظ الله بحفظ الله اطلبوا حفظ الله بحفظ أوامره و نواهيه اطلبوا حفظ الله ﻷولادكم و أنفسكم و أهليكم و أحبابكم بحفظ الله في دينه و أوامره و شرعه و توحيده.

نسأل الله تعالى العظيم رب العرش العظيم أن يحفظنا و إياكم من كل سوء و مكروه و أن يحفظنا باﻹسلام قائمين و يحفظنا باﻹسلام قاعدين و يحفظنا باﻹسلام راقدين ولا يشمت بنا الأعداء و لا الحاسدين.

اللهم احفظنا بحفظك و اكلأنا برعايتك و احرسنا بعينك التي لا تنام.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين.

و صلى الله و سلم و بارك على محمد و آله و صحبه أجمعين.

تفريغ طالبة علم

نفع الله بها وأحسن إليها وجعل هذا العمل في موازين حسناتها

إلقاء ومراجعة: الأستاذة سوزان المشهراوي