(دور الداعية في الفتن) مقتطفات من درسي الذي أقيم بمركز المهاجرات النسائي

مقتطفات من درسي الذي أقيم بمركز المهاجرات النسائي، (دور الداعية في الفتن)
الثلاثاء: 1/8/1436هــ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
وبعد:
قال أنس رضي الله عنه: «ما من عام إلا والذي بعده شر منه، حتى تلقوا ربكم» أخرجه الترمذي
وقال صلى الله عليه وسلم: «إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها، وتجيء فتن فيرقق بعضها بعضًا، وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي، ثم تنكشف، وتجيء الفتنة فيقول: هذه هذه، فمن أحب أن يُزحزح عن النار ويُدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، ومن بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر» أخرجه مسلم
في زمن كثرت فيه الفتن، وتعددت ألوانها، والأمة تعاني أشد أشكال الألم، نحتاج مع ذلك كله إلى فقه ودراية، وسعة نظر وإدراك، حتى يمكننا أن نحدد الجرح، ونضع الدواء المناسب عليه.

ومن أهم الأمور التي ينبغي للداعية أن يراعيها في الفتن لينجو من شرها بإذن الله:
1- حسن التعامل مع الأخبار: 
قال تعالى: {إن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع» أخرجه أبو داود

2- التأني والتريث: 
ويُطرف ابن القيم في المعنى فيقول: «شجرة الصنوبر تثمر في ثلاثين سنة، وشجرة الدّبّاء تصعد في أسبوعين، فتقولُ للصنوبرة: إن الطريق التي قطعتِها في ثلاثين سنة قطعتُها في أسبوعين، ويُقال لي: شجرة، ولك: شجرة، فقالت الصنوبرة: مهلًا حتى تهب رياح الخريف؛ فإن ثبتِّ لها تمَّ فخرك» بدائع الفوائد

3- بث الأمل في النفوس:
بلغه صلى الله عليه وسلم خبر نقض يهود بني قريظة العهد قال: «أبشروا يا معشر المسلمين بفتح الله ونصره...» السيرة لابن هشام
ومن علم أن مصابه سيزول هان عليه احتماله، وتسلّى بانتظار زواله، وانبعثت نفسه بالأمل، ونشطت على العمل استعجالًا للفرج

4- اغتنام الفرصة:
علينا أن نستفيد من الأزمات في تربية أنفسنا على الصبر بأنواعه، وأعظم ما يعين على الصبر وتمامه؛ الصلاة ابتداء بالفرائض ثم النوافل، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة. ثم كثرة العبادات بأنواعها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العبادة في الهرج كهجرة إلي» أخرجه مسلم

5-  تعلم فن قيادة الأزمة:
ويتركز الدور هنا على العلماء والدعاة، بفرضية قول الحق وبيانه للناس واتخاذ المواقف العملية، وعدم التخاذل والانطواء والانحياز للمصالح الشخصية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يجمع بين الأمرين في موقفه من التتار؛ فقد تردد الناس في حالهم، فأفتى بكفرهم ووجوب قتالهم، وقال: «وقتال هذا الضرب واجب بإجماع المسلمين، وما يشك في ذلك من عرف دين الإسلام، وعرف حقيقة أمرهم»، 
وقام في قتالهم وقال للناس: «إذا رأيتموني من ذلك الجانب وعلى رأسي مصحف فاقتلوني». مجموع الفتاوى لابن تيمية

6- إعادة النظر في المناهج الدعوية والتربوية:
وذلك بأمور:
1/ نبذ التبعية والتقليد.
2/ تجديد الأساليب الدعوية المتوارثة واستبدالها بوسائل عصرية مشروعة.
3/ الارتقاء بالمربين وحسن اختيارهم.

7- الحذر من تصدر الجهلة:
فحينما تخلو الساحة من القيادات العلمية المؤهلة يتسع المجال أمام الرءوس الجهال، { إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علــــم ، فضلوا وأضلوا } أخرجه مسلم

8- الفرار من الفتن:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنمًا يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر؛ يفر بدينه من الفتن» أخرجه البخاري

9- التمعن والنظر في عواقب الأمور:
فالفتنة إذا أقبلت عرفها العلماء، وإذا أدبرت عرفتها العامة، كما قال مطرف بن عبد الله: «الفتنة إذا أقبلت تشبهت، وإذا أدبرت تبينت»، قال تعالى: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}

والله أعلم

مستفاد من عدة مقالات ودروس.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفريغ الدرس السادس من شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (الحق) جلّ جلاله

الدرس السابع و العشرون من شرح أسماء الله الحسنى ا سم الله: (الحفيظ) جل جلاله

الدرس العاشر من دروس شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (اللطيف) جل جلاله