نقد اتفاقية التمييز (السيداو/5)

المادة الخامسة من الجزء الأول من اتفاقية التمييز (السيداو)

وهي خاصة بتغيير الأنماط الاجتماعية الفطرية لدور كل من الرجل والمرأة وجاء فيها:

تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتحقيق ما يلي:

(أ) تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة؛ بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية، وكل الممارسات الأخرى القائمة على فكرة دونية، أو تفوق أحد الجنسين، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة.

(ب) كفالة أن تتضمن التربية الأسرية فهمًا سليمًا للأمومة بوصفها وظيفة اجتماعية، والاعتراف بالمسئولية المشتركة لكل من الرجال والنساء في تنشئة أطفالهم وتطورهم).


الملاحظات:

هذه المادة خاصة بتعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لدور كل من الرجل والمرأة . ويقصد بالدور النمطي للمرأة (Stereotyped Role) ، دور الأم المتفرغة لرعاية أطفالها.
فالأمومة بنظرهم هي وظيفة اجتماعية يمكن أن يقوم بها أي شخص، حتى أنها لا تختلف عن سائر الأعمال المنزلية غير المربحة التي تعتبر أدواراً نمطية وتقليدية يجب تغييرها. لذا نادى تفسير الأمم المتحدة للاتفاقية بضرورة وضع نظام إجازة للآباء لرعاية الأطفال حتى تتفرغ الأم لمهمتها الأساسية وهي العمل بأجر خارج البيت!!


أ - تمثل هذه المادة أحد أهم أهداف اتفاقية السيداو؛ لأنها تنصب على تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية، وهو ما تهدف الاتفاقية إلى تحقيقه في سنوات معدودة،
وهي لا تفسر ماهية الأدوار النمطية، وإن كانت تعني أنه ليست هناك أنماط خاصة للنساء باعتبارهن نساء، وليست هناك أنماط خاصة للرجال باعتبارهم رجالاً، ومن ثَمَّ فهناك إمكانية واسعة لتبادل الأدوار، واعتبار الأدوار (محايدة)، أي غير مرتبطة بجنس، بل ووصف دور المرأة في الأسرة كزوجة وأم، ودور الرجل كقائد للأسرة، ومسئول عن رعايتها وحمايتها، والإنفاق عليها بالأنماط الجامدة، وهذا المعنى وثيق الصلة بمفهوم النوع الاجتماعي Social Gender، أي أن الرجل ليس رجلاً لأنه خُلق كذلك، وأن المرأة ليست امرأة لأنها خُلقت كذلك؛ بل لأن التنشئة الاجتماعية هي التي تجعل ذلك رجلاً، وتلك امرأة.


وهو ما عبرت عنه سيمون دي بوفوار(1): «لا يولد المرء امرأة، بل يُصيّر كذلك..، إن سلوك المرأة لا تفرضه عليها هرموناتها، ولا تكوين دماغها، بل هو نتيجة وضعها»

وتقول أخرى: «إنه ليس هناك ما يُسمَّى بطبيعة المرأة، فهذه الطبيعة يشكلها المجتمع مثل القوانين والشرائع والقيم الأخلاقية (أنا أكون ما أنا)


ب- ولاستكمال تلك المنظومة اعتبرت الاتفاقية أن الأمومة ليست دورًا لصيقًا بالمرأة اقتضاه تكوينها البيولوجي والنفسي، بل هي وظيفة اجتماعية يمكن أن يقوم بها أي إنسان آخر، لذا نادى تفسير الأمم المتحدة للاتفاقية بضرورة وضع نظام إجازة آباء لرعاية الطفل.


وهذه كلها مفاهيم مغلوطة، وغير حقيقية، وتتنافى مع الطبيعة التكوينية الخلقية لكل من الرجل والمرأة، التي يستحيل تغييرها أو تجاهلها.


وفي هذا الإطار، يتأكد أن تمايز كل من الرجل والمرأة بخصائص وملكات، وقدرات بدنية ونفسية معينة لا تجعل أحدهما أعلى شأنًا من الآخر، ولكنه منوط بصلاحيته لأداء وظائف حياتية وحيوية معينة لا يستطيع الآخر القيام بها، وهي سنة الله في البشر كافة، حتى بين الرجال وبعضهم، والنساء وبعضهن.

{وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} 

(1) كاتبة  فرنسية، وفيلسوفة وجودية، وناشطة سياسية، لها تأثير ملحوظ في النسوية والوجودية النسوية.
اشتهرت سيمون دي بوفوار بكتابها "الجنس الآخر" والذي كان عبارة عن تحليل مفصل حول اضطهاد المرأة وبمثابة نص تأسيسي للنسوية المعاصرة.

يتبع في الحلقة السادسة بإذن الله

فواصل لتزيين المواضيع

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفريغ الدرس السادس من شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (الحق) جلّ جلاله

الدرس السابع و العشرون من شرح أسماء الله الحسنى ا سم الله: (الحفيظ) جل جلاله

الدرس العاشر من دروس شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (اللطيف) جل جلاله