تفريغ الدرس الأول لشرح أسماء الله الحسنى


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد اﻷنبياء وأشرف المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
الحمد لله العزيز الجبار القوي القهار مقلب الليل والنهار له اﻷسماء الحسنى والمقام اﻷسمى يسر ﻷحبابه طاعته  وفتح ﻷولياءه سبل معرفته هو الواحد اﻷحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد و لم يكن له كفوا أحد و صلى الله على سيد المرسلين وأكرم الخلق أجمعين و أعرف العباد برب العالمين محمد بن عبد الله و على آله وصحبه أجمعين.

أما بعد.
أخواتي في الله فحياكن الله جميعًا في هذا الجمع المبارك وحيا الله هذه الكوكبة المباركة الطيبات الصالحات.
أود أن أتوجه إلى الله بالدعاء الخاص لكن بأن يجزيكن عني خير الجزاء و أشكر لكن حسن الظن بي و ثقتكن بأختكن الفقيرة إلى الله تعالى.
وها نحن نتذاكر أشرف وأعظم علم فإن شرف العلم بشرف المعلوم والعلم بالله تعالى كما تعلمن يا أخوات هو من أشرف العلوم ومعرفته سبحانه وتعالى أعظم معلوم فنحن بصدد شرح أسماء الله تعالى و صفاته و ذكر اﻵثار اﻹيمانية المترتبة على اﻹيمان بأسمائه سبحانه وتعالى أسماء الجمال والجلال والكمال.
أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يجعلني و أخواتي ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه و إن شاء الله تعالى نبدأ في شرح أسماء الله الحسنى كل خميس من كل أسبوع بإذن الله، وسأحاول أن آتي على جميع اﻷسماء بإذن الله الثابتة عن الله تعالى و عن رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة الصحيحة.
 وبين أيديكن المذكرة التي كتبتها وأنزلناها لكن في المجموعة من شاءت تتابع منها وتزيد عليها من خلال الشرح للأسماء و من شاءت تستمع فقط كما ترغبن أخواتي.
الله سبحانه وتعالى يقول: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) و ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لله تسعا وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة.
قبل أن نتطرق إلى شرح اﻷسماء و شرح هذا الحديث فإني أريد أن أقف مع أخواتي على قوله تعالى ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا)
إذاً هذه اﻵية عندنا قاعدة في الدعاء.
في أي جهة من جهة الدعاء قاعدة الدعاء بأسماء الله سبحانه وتعالى، وكيف يكون الدعاء بأسمائه سبحانه وتعالى.
الدعاء كما تعلمن أخواتي هو العبادة  كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء هو العبادة.
هذا هو الحديث الصحيح أو اللفظ الصحيح الذي ورد في فضل الدعاء؛ أما ما جاء في أن الدعاء مخ العبادة هذا حديث ضعيف، والصحيح أن (الدعاء هو العبادة).
ما لمقصود بالعبادة؟
نحن لما نقول الدعاء هو العبادة
 العبادة لا تقبل عند الله سبحانه وتعالى إلا بشرطين:
1/ الإخلاص.
2/ المتابعة.
اﻹخلاص في هذه العبادة عبادة الدعاء طبعًا، كل عبادة يلزم أن يتوفر فيها هذان الشرطان لكن توفر هذين الشرطين في كل عبادة يكون بحسب العبادة؛ الصلاة لها طريقتها في المتابعة، الحج له طريقته  في المتابعة، الصوم له طريقته في المتابعة؛ أما اﻹخلاص هو يستوفي جميع العبادات بأن تكون جميع عباداتي لله خالصة كما قال تعالى: ( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) مقصدنا أن اﻹخلاص يكون في الدعاء بأن ندعو الله و نتوجه إليه وحده دون تعلق باﻷسباب؛ تعلقا بالله فقط مع بذل اﻷسباب طبعًا هذا ﻻ ينافي، أن أدعو الله و أبذل اﻷسباب هذا مطلوب بذل اﻷسباب واﻷخذ باﻷسباب ﻻ ينافي التوكل لكن ﻻ يكون تعلق القلب باﻷسباب كما نسمع اللفظ الدارج على ألسنة كثير من الناس: أنا فعلت ما أستطيع والباقي على الله! لا نقول هذا، هذا اللفظ ﻻ يجوز.
كيف أنا فعلت ما أستطيع والباقي على الله؟! يعني كأني أخذت باﻷسباب وسأتكل عليها وإن كان هناك شيء يكون لله! ﻻ هذا ليس صحيحًا؛ الصحيح أن اﻷمر كله لله تعالى ﻷنه سبحانه وتعالى يقول عن نفسه: (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) اﻷمر كله لله ما في شيء اسمه الباقي على الله.
كل اﻷمر يرجع إلى الله و اﻷخذ باﻷسباب إنما هو فقط ﻷننا نتمثل هدي النبي صلى الله عليه وسلم و نتمثل تعليم الله لنا في اﻷخذ بالأسباب كما جاء في قصة مريم عليها السلام حينما قال الله سبحانه وتعالى( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) هزي إليك هذا القول منه سبحانه وتعالى يعلمنا اﻷخذ باﻷسباب و إﻻ امرأة في أشد حالات الضعف في حالة المخاض إلى جانب نوع النفسية التي تعيش بها مريم في تلك اللحظات في كونها حملت من غير رجل و خوفها من قومها ثم يأتيها المخاض وهي أضعف ما تكون المرأة ثم يطلب الله منها أن تهز جذع نخلة أو نخلة كاملة هذه النخلة لا يهزها عشرات الرجال بسهولة تهزها امرأة في أضعف حالتها هنا يعلمنا الله سبحانه وتعالى اﻷخذ باﻷسباب (وهزي إليك).
إذاً هذا تعليم الله لنا اﻷخذ باﻷسباب ﻻ ينافي التوكل ولا ينافي اﻹخلاص لله تعالى وصدق التوجه لله لكن يجب أن يكون القلب متعلق بالله تعالى.
ثم يأتي الشرط الثاني هو: المتابعة.
كيف تكون المتابعة في الدعاء؟
النبي صلى الله عليه وسلم علمنا كثيرًا من اﻷدعية وهناك أدعية مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة جدًا .
النبي صلى الله عليه وسلم كما أوتي جوامع الكلم أوتي جوامع الدعاء فقد أدعو أنا وأنت بدعاء يطول يمكن أدعو بدعاء صفحة كاملة أو أدعو بدعاء طويل أو قصير في حين أني إذا عدت للسنة وللدعاء المأثور أجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يكون علمنا دعاء ﻻ يتجاوز اﻷسطر أو السطر الواحد أو الثلاث واﻷربع كلمات لكنه يجمع خير الدنيا والآخرة، فلذلك علينا بالالتزام بما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم في اﻷدعية.
قد تقول قائلة يعني كلامك هذا إذا كان في نفسي شيء وأريد أن أدعو به فلا أدعو، فقط أتمثل السنة واقتصر على السنة؟
فأنا ﻻ أقول ذلك، اﻹنسان في نفسه حاجات و طلبات قد تكون عندك رغبة في النجاح عندك رغبة في وظيفة معينة أو في رزق معين عندك رغبة في طلب علم في أي أمر من أمور الدنيا في هداية أبنائك في صلاح زوجك في أن ترزقين بزوج في أن يرزق الزوج بزوجة اﻷدعية كثيرة جداً فيدعو اﻹنسان بما في نفسه لا حرج في ذلك طبعًا و الله يسمع الدعاء و يحب من عبده أن يدعوه لكن مقصد كلامي ياأخوات أن لا أتمثل دعاء وأتمسك به ثم اجعله بديلًا عن أدعية السنة؛ اﻵن انتشرت عبر مواقع التواصل كثير من اﻷدعية، هذا دعاء للأبناء، وهذا دعاء للزوج، وهذا دعاء للزوجة، وهذا دعاء للامتحانات، وهذا دعاء وهذا دعاء.....
هذه كلها ما أنزل الله بها من سلطان وغير ثابتة في السنة وﻻ يحل لنا أن نأخذ بها ﻷن بذلك نبتدع في دين الله بما لم يأتي على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم و مالم ينزل من عند الله تعالى، نحن علينا الالتزام بكتاب الله  وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم لا بأس أن تدعو بما في نفسك قل ما شئت خاطب ربك وحدث ربك و ناج ربك بما شئت لكن شرط أﻻ تجعل هذا دعاء ثابتًا و تنشره وتتقيد به و تترك أدعية السنة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
من دليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم الصحابة الاستخارة.
الصحابي كان يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يحفظنا دعاء الاستخارة كما يحفظنا السورة من القرآن)، حفظ السورة من القرآن عندما يحفظهم النبي صلى الله عليه وسلم السورة هذا يعني يريد منهم أن يتقيدوا بحروف هذه السورة أو هذه اﻵية فكان يحفظهم دعاء الاستخارة كما يحفظهم السورة من القرآن، يعني هذا أنه صلى الله عليه وسلم أراد منهم أن يتقيدوا بحروف هذا الدعاء؛ كذلك في حديث أخر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحفظ أحد الصحابة الدعاء الذي قبل النوم: (اللهم وجهت وجهي إليك و ألجأت ظهري إليك ...) إلى نهاية الدعاء أو الحديث، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد عليه الدعاء فأعاد الصحابي الدعاء ثم لما أتى إلى مقطع (آمنت بكتابك الذي أنزلت و برسولك الذي أرسلت) واللفظ هو الصحيح الذي علمه النبي إياه: (ونبيك الذي أرسلت) فالصحابي لما ردد على النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء قال: (وبرسولك الذي أرسلت) فلم يتركه النبي صلى الله عليه وسلم هكذا قال له: (لا، نبيك الذي أرسلت) فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم من تغيير اللفظ مع أن لفظ النبي و لفظ الرسول يأتي بمعنى واحد لكن هنا يعني يأتي المنع و التوجيه من النبي صلى الله عليه وسلم خير معلم إلى تعليم الصحابة كيف يقتدون بسنته صلى الله عليه وسلم، وكيف أن بعض اﻷلفاظ في بعض الأدعية تكون مقصودة ﻷمر مقصود معين، لذلك يلزمنا أن نتقيد بما جاء في سنة النبي عليه الصلاة والسلام.
هذاما أردت ذكره بالنسبة للوقفة السريعة على قوله سبحانه وتعالى(وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا)
النبي عليه الصلاة والسلام ذكرنا لنا حديثًا صحيحًا قبل أن أتطرق إلى الحديث أقول:
ستجدي أمامك في المذكرة الموجودة التي أنزلها إليكن في بداية المذكرة بعد المقدمة اﻷسماء الثابتة في الكتاب والسنة من أسماء الله سبحانه وتعالى قد ﻻ تجدي بعض اﻷسماء التي أنت تحفظينها قديمًا أنت من القديم قد تعرفي أسماء معينة وتحفظي أسماء معينة قد ﻻ تجدينها في هذه الأسماء هذا يعني أنها ﻻ تثبت ثبوتا صحيحًا في حق الله سبحانه وتعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وفي كتابه.
فهذه اﻷسماء التي أمامكن جمعتها من كتب السنة الصحيحة ومن المؤلفات التي اعتنت بشرح أسماء الله وصفاته قد تجدون بعض المراجع في نهاية المذكرة تنتفعن بها إن شاء الله تعالى في التوسع في هذا الباب؛ ﻷن حديثنا و شرحنا لن يكن بتوسع و إنما سنأتي بما يفيد المعنى ويفيدنا في اﻷثر المترتب على هذا المعنى حتى لانكثر على أخواتنا وحتى تحصل الفائدة المرجوة، أما من أرادت التوسع فترجع إلى المراجع الكبرى في هذا الباب العظيم من أسماء الله وصفاته ستجدين مائة و ثمانية من اﻷسماء لله تعالى و هي كلها ثابتة في الكتاب والسنة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إن التسعة والتسعين اسما لم يرد في تعيينها حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الحديث هذا حديث صحيح أخرجه اﻹمام البخاري و أخرجه اﻹمام مسلم فهو حديث صحيح لكن لم يرد حديث صحيح يذكر لنا ما هي هذه التسع و التسعين التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم.
أشهر ما عند الناس في ما ثبت في أسماء الله تعالى في حديث هو حديث جاء عند اﻹمام الترمذي ذكر فيه بعض أسماء الحديث هذا الحديث رواه الوليد بن مسلم عن شعيب بن أبي حمزة.
و حفاظ أهل الحديث يقولون: هذه الزيادة مما جمعه الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث.
وهذه الزيادة عند الترمذي رحمه الله من لفظ ذكر فيه بعض أسماء الله سبحانه وتعالى إنما هو حديث ضعيف وهذا غالبًا نجد كثيرًا من الناس يعلقون اللوحات وبعض اﻷقمشة والمناظر الجمالية التي كتب عليها أسماء الله تعالى بالنسبة لتعليق هذه اﻷمور ستأتي إن شاء الله في نهاية هذه السلسة اﻷحكام التي تتعلق بها لكن الشاهد من كلامي أن أكثر الناس متمسكين بحديث اﻹمام الترمذي على أساس أنه هو الذي فيه أسماء الله تعالى وهم و يعتقدون أنها هي الصحيحة حتى أنها تحفظ اﻷطفال في الروضات و في بعض المدارس فيجب أن يتنبه إلى هذا فلم يثبت من أسماء الله تعالى و صفاته إلا ما ذكر في السنة الصحيحة و في كتاب الله وهذا ما تقدم في المذكرة أرجو من اﻷخوات أن يعدن إليه.
أما في قوله صلى الله عليه وسلم: إن لله تسعة وتسعين اسما.
لا يعني قول الرسول صلى الله عليه وسلم إن لله تسعة وتسعين اسما أنه ليس له فقط إلا هذه التسع و التسعين هذا غير صحيح.
يعني لا يعتقد السامع أو القارئ لهذا الحديث أنه ليس لله إﻻ تسعة و تسعين اسما غير صحيح أبدًا بل لله سبحانه وتعالى أكثر من ذلك دليل ذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام قال ما أصاب عبدًا هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه)
الشاهد من الحديث قول الرسول عليه الصلاة والسلام أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك: في كتابك أي وجد في كتاب الله و قرأناه.
أو علمته أحدًا من خلقك: قد يكون أحد من خلق الله سبحانه وتعالى و غالبًا هم اﻷنبياء أن الله امتن عليهم بشيء من أسمائه و لم يذكرونه للناس.
او استأثرت به في علم الغيب عندك: أن لله أسماء لم يذكرها لعباده استأثر بها في علم الغيب عنده.
إذاً أسماء الله تعالى ﻻ تقتصر على تسعة و تسعين اسما إنما هي أكثر من ذلك.
معنى اﻹحصاء في قوله صلى الله عليه وسلم: (من أحصاها دخل الجنة).
معنى اﻹحصاء كما ذكر ابن القيم رحمه الله قال:
اﻹحصاء على أربعة مراتب:
1/المرتبة اﻷولى: عدها وحفظها واستحضارها.
عد اﻷسماء معرفة عددها.
و حفظها يحفظها اﻹنسان.
يستحضرها، يستحضر الاسم إذا نزلت به نازلة إذا نزل به موقف معين يستحضر اسم من أسماء الله في هذا الموقف؛ يستشعر معنى اسم الله في أي موقف من المواقف أحيانًا يمر عليك موقف تقول: سبحان الله هذا من لطف الله فتستحضر اسمه اللطيف، أحيانًا يمر عليك موقف تقول: سبحان الله هذا من رزق الله! فتستحضر اسمه سبحانه وتعالى الرزاق، وهكذا معنى الاستحضار.
هذا المعنى اﻷول للإحصاء.
2/المعنى الثاني للإحصاء فهم معانيها ومعرفة مدلولاتها.
حينما أقول حفظت أسماء الله عن ظهر قلب الحمد لله هذا جميل لكن هل فهمت معناها؟ هل فهمت مدلولات هذه اﻷسماء؟ حينما تقول: الله القوي، هل عرفت معنى الله القوي؟ هل عرفت ما دلالة هذا الاسم حينما تقول: الله تعالى من أسمائه الرفيق هل عرفت ما معنى الرفيق؟ هل عرفت ما مدلولات الرفيق سبحانه وتعالى؟ وهكذا في باقي أسماء الله سبحانه وتعالى.
إذًا ﻻ بد في إحصاء أسماء الله فهم معانيها و معرفة مدلولاتها.
3/ المعنى الثالث لمعاني اﻹحصاء: معرفة أثارها في الكون والحياة و القلب قدر الطاقة.
قدر استطاعتك تعرف ما أثر هذه اﻷسماء في الكون و في الحياة وعلى اﻹنسان وعلى الخلق أثر اسمه اللطيف أثر اسمه الرحيم أثر اسمه الكريم أثر اسمه الرزاق أثر اسمه الولي أثر اسمه الكافي.
هذه اﻷسماء ما أثارها؟ يجب علي أن أعرفه قدر الطاقة قدر استطاعتي قدر علمي ولا أتكلف أن أعرف أكثر من ذلك، ﻷني أنا لو تكلفت وأنا قليلة العلم قليلة المعرفة ليس لي بابًا واسعًا في معرفة أسماء الله وصفاته فقد أقع في الزلل وهذه مشكلة!
إذًا: يجب أن أتعرف على أثار الله في الكون آخذها من مصادرها اﻷصلية آخذها من مراجعها اﻷصيلة من كتاب الله، ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم من أفواه العلماء الصالحين الربانيين الموثوقين المجتهدين، ولا أخذها من أي أحد فيكون لي مرجع صحيح.
4/المعنى الرابع لمعاني اﻹحصاء: دعاء الله بها والتعبد له سبحانه بها وشهود أثارها في القلب واللسان والجوارح.
وهذه من أهم معاني اﻹحصاء؛ أن أدعوا الله بأسمائه أن أتقرب إلى الله بأسمائه؛ إذا وقعت في ضائقة إذا وقعت في فقر في هم في كرب في ذنب أدعو الله تعالى بما يناسب هذا من اسم، إذا أردت الرزق أسأل الله باسمه الرزاق إذا أردت العلم فاسأله باسمه العليم إذا أردت اللطف فاسأله باسمه اللطيف إذا أردت الكرم فاسأله باسمه الكريم إذا أردت منه الكفاية فاسأله باسمه الكافي إذا أردت منه الوﻻية فاسأله باسمه الولي.
إذاً أتعبد إلى الله بالدعاء، فحينما أفهم معنى الاسم أعرف كيف أدعو به أعرف متى أدعو به.
لا أقول يا لطيف ارزقني، أو يا لطيف اغفر لي هذا ﻻ يتناسب، المناسب اللهم يا غفور اغفر لي يا رزاق ارزقني وهكذا كما سيتضح معنا إن شاء الله.
نبدأ في شرح بعض اﻷسماء.
الاسم اﻷول من أسماء الله سبحانه وتعالى وهو أعظم اﻷسماء: ((الله)) الله جل جلاله، الله سبحانه وتعالى المألوه المعبود.
معنى المألوه المعبود:
أي تألهه القلوب، كل قلب خلقه الله سبحانه وتعالى ﻻ بد أن يكون له من إله يعبده من إله يتألهه، فإذا ذكر هذا اﻹله توجه إليه القلب مباشرة دون أن يتكلف اﻹنسان أن يبحث عن إله، الذي تألهه القلوب لا تتكلف القلوب في البحث عنه بمجرد أن يقال الله يتوجه القلب إلى السماء يتوجه القلب إلى اﻹله سبحانه وتعالى الله.؛ لذلك المعبودات من دون الله سبحانه وتعالى ﻻ تألهها القلوب يعني من يعبد اﻷصنام من يعبد الشمس من يعبد القمر من يعبد الملائكة من يعبد الجن من يعبد اﻷوثان أو أي عبادة من العبادات كل هذه المعبودات ﻻ يتألهها القلب لما أقول الشمس هل هناك إنسان فطرته سليمة إذا ذكرت الشمس يجد في نفسه أن يتوجه بقلبه إلى الشمس أنه يتأله بقلبه للشمس؟ بالتأكيد لا!
الفطرة السليمة ﻻ تقول ذلك، حينما أقول الملائكة هل صاحب الفطرة السليمة قلبه يتوجه إلى الملائكة حينما يذكر اسمها صاحب الفطرة السليمة لا يتأله قلبه للملائكة، ﻻ يكون هذا؛ لكن لما أقول الله الله! ما أعظم الكلمة! وما أفخمها! تجد أن صاحب الفطرة السليمة يتوجه بقلبه إلى الله مباشرة يرتفع بقلبه إلى السماء فهو المألوه المعبود ذو اﻷلوهية و العبودية على خلقه أجمعين هو المستحق للعبادة ﻷن القلوب تألهه.
إذاً فحينما أقول الله يتوجه قلبي إليه يرتفع قلبي إليه و استشعر معنى العبودية و أنه هو المستحق للعبادة سبحانه وتعالى وأن كل الخلق عليهم عبادته وحده والتوجه إليه بقلوبهم جميعًا بل وحتى الجمادات وحتى النباتات وحتى البهائم تتوجه إلى الله سبحانه وتعالى ودليل هذا أن الله سبحانه وتعالى فضل اﻷنعام على بعض مخلوقاته من بني آدم الذين كفروا به و كذبوه كما قال تعالى( أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ) هؤلاء الذين كفروا بالله تعالى كاﻷنعام بل هم أضل من اﻷنعام.
لماذا هم أضل من اﻷنعام؟
ﻷنهم لم يتوجهوا إلى الله سبحانه وتعالى بقلوبهم و لم يعبدوا الله سبحانه وتعالى كما أمرهم و لم يحققوا الفطرة السليمة في التوحيد بكون أن الله سبحانه وتعالى أمر بتوحيده و حينما خلق الخلق أخذ عليهم العهد ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ) فالله سبحانه وتعالى أخذ علينا العهد قبل أن يخلقنا و نحن في ظهر أبينا آدم و لم نكن أساسًا، أخذ علينا العهد بأن نعبده وحده لا نشرك به شيئًا.
لذلك الله تعالى هو المألوه الحق هو اﻹله الحق، لما نقول الله أيضًا هناك اﻹله، اﻹله سبحانه وتعالى أيضًا من أسماء الله  أويؤخذ من اسمه الله وهو المألوه المستحق لئن يؤله كما قلت وذكرت في سالف كلامي أنه المستحق للعبادة وللألهية وأن تألهه القلوب ويتوجه إليه العباد بالعبادة له سبحانه وتعالى.
و كل معبود سواه و من لدن عرشه سبحانه و إلى قرار أرضه فهو باطل، كل مخلوق عبد من دون الله فهو باطل، و كل معبود عبد من دون الله فهو باطل؛ و لذلك من معاني كلمة لا إله إلا الله ﻻ معبود بحق إلا الله وهنا يحدث خطأ عند البعض فيقول في معنى ﻻ إله إلا الله يقول: ﻻ معبود إلا الله، هذا خطأ بل ﻻ معبود حق إلا الله، ﻷن لو قلنا ﻻ معبود إلا الله هذا خطأ، ﻷن المعبودات كثيرة جدًا لكن لما نقول ﻻ معبود حق، أي هناك معبودات كثيرة لكن ليس منها شيء حق إلا الله سبحانه وتعالى.
لما أقول (الله) فيمتلئ القلب بداية يمتلئ فمك بهذه الفخامة، (الله) فيمتلئ قلبك بالتعظيم حينما تنطق هذا الاسم العظيم الذي ﻻ يسمى به أحد و لن يسمى به أحد(هل تعلم له سميا) سبحانه وتعالى ﻻ نعلم له سميا وليس له ند وليس له شريك هو واحد أحد فرد صمد نتوجه إليه بقلوبنا نتوجه إليه بأرواحنا نتوجه إليه بجوارحنا نتوجه إليه بكل ما فينا سبحانه وتعالى ونسأله سبحانه وتعالى أن يجازينا على اﻹيمان به أن يجازينا الجنة على توحيده فكل الذنوب تهون في جنب توحيد الله و صدق توحيد الله، الله سبحانه وتعالى يقول: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ) سبحانه وتعالى.
و الحديث ذو شجون في الكلام عن الله، في الكلام عن العظيم سبحانه، في الكلام عن رب العالمين، في الكلام عن ملك الملوك، لكن ما قلته إنما هو إشارة بسيطة جدًا و إضاءة ضعيفة جدًا و ومضة بسيطة جدًا في الحديث عن اسمه العظيم الله سبحانه وتعالى.
ما آثار اﻹيمان باسمه العظيم (الله)؟
من آثار اسمه أول آثر وأعظم آثر هو محبته وتعظيمه  وإجلاله وإخلاص العبودية له وطمأنينة القلب وسعادته و أنسه بالله.
لما تعلم أن إلهك هو الله الذي ليس له سمي وليس له ند و ليس له شريك وليس له شبيه و ليس له مثيل هذا يعطيك في قلبك مباشرة السعادة والطمأنينة و المتأمل في أسماء الله و آثارها يجد أن هذا اﻷثر وهو أثر محبته و تعظيمه هو أثر ملازم لجميع أسماء الله سبحانه وتعالى، فليستحضر اﻹنسان والعبد المؤمن هذا اﻷثر و هو محبة الله و تعظيمه و إجلاله و إخلاص العبودية له، يستحضر هذا اﻷثر مع كل اسم من أسماء الله كما سيأتي معنا إن شاء الله.
يقول ابن القيم واسمع إلى هذا الكلام الذي يكتب بماء العين يقول رحمه الله: وأما محبةُ الرب - سبحانه - فشأنها غير الشأن؛ فإنه لا شيء أحب إلى القلوب من خالقها، وفاطرها، فهو إلهها، ومعبودها، ووليها، ومولاها، وربُّها، ومدبرها، ورازقها، ومميتها، ومحييها؛ فمحبته نعيم النفوس، وحياة الأرواح، وسرور النفوس، وقوتُ القلوب، ونور العقول، وقرة العيون، وعمارة الباطن؛ فليس عند القلوب السليمة، والأرواح الطيبة، والعقول الزاكية أحلى، ولا ألذُّ، ولا أطيبُ، ولا أسرُّ، ولا أنعمُ من محبته، والأنس به، والشوق إلى لقائه، والحلاوة التي يجدها المؤمن في قلبه فوق كل حلاوة.
الله أكبر-انظر إلى هذا الكلام و اسمع إلى هذا الكلام و استشعره- النعيم الذي يحصل له -أي للمؤمن-بذلك أتمُّ من كل نعيم،- النعيم الذي يحصل لقلبك حينما تستشعر محبة الله تعالى و تعمر قلبك بمحبة الله سبحانه وتعالى هو أعظم نعيم يعيشه الإنسان- واللذة التي تنالها أعلى من كل لذة مهما امتلأت قلوبنا.
والله مهما امتلأت من محبة الخلق مهما امتلأت من محبة الماديات في الدنيا من محبة المال والبنين واﻷزواج و اللباس  المأكل والمشرب والمسكن، أي محبة يعذب بها العبد إلا محبة الله تعالى فإن العبد يجد فيها اللذة والراحة والطمأنينة والسكينة يقول أحد العارفين بربهم وأحد الصالحين يقول: (إنه ليمر بالقلب أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب).
الله أكبر هذا الرجل يعيش في الدنيا لكن يجد في نفسه نعيما يستعظمه لدرجة أنه يستقل نعيم أهل الجنة في جنب هذا النعيم، يقول: لو كان أهل الجنة في مثل هذا النعيم الذي أعيشه اﻵن ماذا يقصد بالنعيم؟ هو اﻵن كلامه ﻻ يقصد بالنعيم بنعيم مسكن أو مشرب أو ملبس أو زوج أو نكاح إنما هو يقصد نعيم لذة محبة الله و اﻷنس بالله والقرب منه والتعلق به والثقة بالله وحسن الظن بالله و صدق التوكل على الله فلو كان أهل الجنة في مثل هذا النعيم، يقول: إنهم لفي عيش طيب! نسأل الله تعالى أن يمن علينا بصدق العبودية.
(من أراد السعادة اﻷبدية فيلزم عتبة العبودية) هذا الكلام كلام شيخ اﻹسلام ابن تيمية رحمه الله.
نسأل الله أن يرزقنا العبودية الصحيحة.
الاسم الثاني الذي سنختم به درسنا هذا اليوم ((الرب سبحانه وتعالى))
الرب سبحانه المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم.
وأخص من هذا تربيته ﻷصفيائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم و أخلاقهم ولهذا كثر دعاوهم له بهذا الاسم الجليل ﻷنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة.
ما معنى هذا الكلام؟
الرب هو المربي؛ قد تسمى المرأة مربية والرجل قد يسمى مربي و المعلم مربي واﻷم مربية والأب مربي.
ماذا تعني التربية؟
التربية تعني أن أدبر شأن هذا اﻹنسان أن أرعاه أن أحافظ عليه أن أطعمه أن أشربه أن أسكنه أن أنفق عليه أن أوجهه أن أهديه، هذا معنى التربية و المربي وهذا أمر ظاهر لكن لما نقول الله هو المربي؟ كيف يربينا الله؟
أحياناً المربي من الناس من بني آدم يحتاج إلى القسوة على المرب كما قال أحدهم:
و نقسو أحياناً على من نرحم.
مالمقصد؟ نحن لما نقسو على أبناءنا أقرب شيء ابنك أحيانًا أنت لما تقسو على ابنك على ابنتك فإذا عوتبت في ذلك ماذا تقول؟ أنا أربيه قد أضربه ﻷربيه قد أغضب عليه ﻷربيه قد أحرمه من المال ﻷربيه قد أحرمه من الخروج من المنزل كي أربيه أحرمه من أن أتحدث إليه ﻷربيه أنا أحرمه من أن أعطيه عطاء ﻷربيه، ولله المثل اﻷعلى هو يربينا بأصناف النعم يعطينا نعما و يرزقنا و يعطينا و يتولانا ويكفينا و يتولى أمرنا و يدبرأمرنا كل ما نحن فيه تربية من الله سبحانه وتعالى تربية بالنعم لكن هناك أيضاً تربية بالإبتلاءات قد يمنعنا الله قد يفقرنا الله قد يسقمنا الله قد يحرمنا من أشياء كثيرة هذا ليس حرمانا من الله وليس سوء من الله أو شرًا أو ضرًا من الله، فالله تعالى إليه يرجع الخير، ومنه الخير وبيده الخير لكنه يربي عباده هذه تربية عامة.
التربية بالنعم تربية عامة و التربية بالإبتلاءات قد تكون أيضًا تربية عامة و قد تكون تربية خاصة لكن هناك تربية خاصة جدًا ﻻ يربيها الله تعالى وﻻ يختص بها إﻻ ﻷصفيائه و أولياؤه وأحبابه هذه التربية كيف تكون؟
هي تربية تكون بإصلاح قلوبهم وأرواحهم وأخلاقهم فإن أصلحنا فهو يربينا وإن أعطانا فهو يربينا وإن أنعم علينا فهو يربينا وإن هدى قلوبنا إليه وهدى أرواحنا إليه وهدى جوارحنا إليه فهو الذي ربانا وهو الذي وجهنا وهو الذي أنعم علينا بنعمة الهداية ونعمة الصلاح لهذا كان أكثر دعاء أوليائه سبحانه وتعالى باسمه سبحانه الرب آدم عليه السلام ماذا يقول كما أخبر الله تعالى عنه: ( قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا) لم يقل اللهم، قال: ربنا يا مربينا أنت تعلم بحالنا أنت تعلم بقلوبنا أنت تعلم بضعفنا، (ربنا إنا) (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
نوح عليه السلام ماذا يقول؟ (رب إﻻ تغفر لي) لم يقل اللهم إلا تغفر لي، يعني يارب أنت ربيتني بهذا اﻹبتلاء في ابني انت ربيتني بهذا اﻹبتلاء في إعراض قومي أنت ربيتني بهذه النعمة بنجاتي (رب إﻻ تغفر لي و ترحمني أكن من الخاسرين) وهكذا لو عدنا للآيات في كتاب الله نجد أنبياء الله يناجون ربهم باسمه الرب رب لذلك من أفضل الدعاء ما تقدمه اسم الرب ربي يارب يارب ﻷنه هو المربي سبحانه وتعالى.
من آثار اﻹيمان باسمه الرب جل جلاله:
الرضا به ربا الرضا به إلها الرضا به حاكمًا الرضا به مشرعًا، ما دام أنا اعترف أنه ربي الذي يربيني بالنعم الذي يربيني بالنقم الذي يربيني باﻹبتلاءات الذي يربيني بشرعه الذي يربيني بحكمه الذي يربيني بشريعته بسنة نبيه بكتابه إذاً فعلي أن أرضى لذلك كان من أدعية الصباح والمساء أن تقول: (رضيت بالله ربا رضيت بالله ربا وباﻹسلام دينًا و بمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولًا).
إذاً لو ﻻ أنك رضيت بالله ربا فلن ترضى بأن يكون محمدًا رسولًا و لن ترضى بأن يكون هذا الدين لك شرعاً و دينًا و من ردد هذا الدعاء صباحًا و مساءً كما جاء في السنة كان حقًا على الله أن يرضيه.
إذاً من آثار اﻹيمان باسمه الرب الرضا به وبشرعه وبدينه وحكمه، رضا العبد بما يأمر الله وما ينهى عنه الله. ﻻ تقل المرأة لماذا أمرت بالحجاب؟ لماذا أنا أتحجب والرجل ﻻ يتحجب؟ لماذا أنا أتزوج رجل واحد و الرجل يتزوج أربع نساء؟ وهذا كثير أسمعه من بعض النساء، الرجل لماذا يفضل علي في هذا؟  لا أقول لماذا؟ الله سبحانه وتعالى يقول: ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُون) أنت رضيت به ربا إذا ارض بحكمه و شرعه وبما أمرك به، لماذا الله أمرني بهذا؟ أنا لا أريد هذا، ﻻ، أنا أرضى بشرع الله وﻻ يكن في صدري حرج من هذه الشريعة الغراء، الله سبحانه وتعالى يقول: ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ) الحرج الذي تجده في قلبك لأمر من أوامر الله و لشرع من شعائر الله و لنهي من نواهي الله فإنما هو خلل في اﻹيمان وهذا ﻻ يرضاه الله سبحانه وتعالى بل نفى عن صاحبه كمال اﻹيمان.
( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ) تؤمن فلا تجد في نفسك حرج حتى لو ما استطعت أن تقوم بهذا الشرع حتى لو ما استطعت أن تنفذ هذا اﻷمر حتى لو ما استطعت أن تنتهي عن هذا النهي لكن مع ذلك ﻻ يكون في نفسك حرج.
إذا أديت اﻷمر بتقصير فسل الله المغفرة والجبران وإذا عملت النهي ووقعت في المعصية ووقعت في الذنب فسل الله أيضًا المغفرة وأن يجبر هذا الكسر وأن يجبر هذا الخرق و لكن ﻻ يكون في النفس حرج من أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
رضاك بما قسم الله لك رضاك بما قدره الله عليك رضانا بما أعطانا رضانا بما منعنا كل هذا من آثار اﻹيمان باسمه الرب، ﻷني أنا آمنت به أنه ربي يربيني، كما رباني بالنعم وأنا فرحت بالنعم، كذلك يربيني بالإبتلاءات، فعلي أن أرضى و علي أن أفرح و علي أن أعلم وأثق أن الله سبحانه وتعالى ﻻ يختار لعبده إﻻ الخير، فهو سبحانه وتعالى قال: ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) ختام هذه اﻵية كانت ختامًا لقوله سبحانه وتعالى: ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) قد يكون اﻷمر الذي تحبه و أحبه هو شر وقد يكون اﻷمر الذي أكرهه وتكرهينه هو الخير لذلك في اﻷخير علينا أن نرضى طالما هو ربنا الذي ربانا و أنعم علينا وهو أعلم بنا وأعلم بمصالحنا هو سبحانه وتعالى الرب هو لطيف بنا هو ربنا إذًا هو رحيم بنا هو ربنا إذًا هو لطيف بنا هو ربنا إذًا هو رفيق بنا هو ربنا إذًا هو عليم بنا هو ربنا إذًا هو شهيد علينا هو ربنا إذًا هو رقيب علينا هو ربنا إذًا هو الذي يكرمنا هو ربنا إذًا هو الذي يرزقنا كل أسماء الله تعالى تتعلق باسمه الرب ومن أعظم اﻹشارات في هذا اﻹسم أنك تلاحظ أعظم سورة في القرآن وهي سورة الفاتحة ابتدأت باسمه الرب: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فكان هذا الاسم من أعظم أسماء الله سبحانه وتعالى.
وأيضًا أقول الحديث في هذا الاسم و غيره من أسماء الله حديث ذو شجون ويأخذ اﻷوقات الكثيرة لومكثنا في هذه الدنيا إلى أن نلقى الله ونحن نتحدث عن الله ونتكلم عن الله ونتعرف على الله والله ما وسعتنا الساعات ولا وسعتنا اﻷيام ولا وسعنا الشعور ولاوسعتنا السنين! لكن إنما نحن نتعلم ونتقرب إلى ربنا بمعرفة أسمائه وصفاته ونسأله سبحانه وتعالى أن يمتن علينا بمعرفته وبالعلم به وأن يرزقنا خوفه وخشيته واﻹنابة إليه.
و أخيرًا أقول:
قلت ما قلت فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمن نفسي والشيطان والله ورسوله بريئان مما أقول. تقبل الله مني ومنكم، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم و تب علينا إنك أنت التواب الرحيم اللهم اغفر لنا ما قدمنا و ما أخرنا و ما أسررنا و ما أعلنا و ما أنت أعلم به منا اللهم ارزقنا من الفهم عنك وعن نبيك ما نبلغ به منازل النبيين ونحشر به في زمرة العلماء العاملين برحمتك يا أرحم الراحمين واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.


جزاكم الله خيراً على حسن الاستماع و أسأل الله لي و لكم العلم النافع و العمل الصالح سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك.

تفريغ طالبة علم 
نفع الله بها وأحسن إليها وجعل هذا العمل في موازين حسناتها
مراجعة: الأستاذة سوزان المشهراوي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفريغ الدرس السادس من شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (الحق) جلّ جلاله

الدرس السابع و العشرون من شرح أسماء الله الحسنى ا سم الله: (الحفيظ) جل جلاله

الدرس العاشر من دروس شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (اللطيف) جل جلاله