الدرس السابع عشر في شرح أسماء الله الحسنى. ((المجيد))

اسم الله (المجيد) جلّ جلاله
الحمد لله رب العالمين
و الصلاة و السلام على سيد اﻷنبياء و أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة و أتم التسليم.
اللهم إنا نعوذ بالله من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له و من يضلل فلن تجد له وليا مرشدا
اللهم ربنا لك الحمد كله و لك الملك كله و بيدك الخير كله و إليك يرجع اﻷمر كله علانيته و سره فأهل أنت تحمد و أهل أنت تعبد إنك على كل شيء قدير.
اللهم ﻻ ما نع لما أعطيت و ﻻ معطي لما منعت و ﻻ ينفع ذا الجد منك الجد و أصلي و أسلم و أبارك على حبيبي و قرة عيني محمد صلى الله عليه وسلم و على آله و صحبه و سلم تسليماً كثيراً.

مازلنا نكمل إن شاء الله في شرح أسماء الله الحسنى و صفاته و نذكر بعض اﻵثار اﻹيمانية على الكون و النفس من خلال مفرفتنا تعرفنا على هذه اﻷسماء العظيمة و ﻻ يفوتني أن أذكر نفسي و السامعين بأن حقيقة اﻹيمان أن يعرف العبد ربه سبحانه وتعالى الذي يؤمن به و عليه أن يبذل الجهد في معرفة أسمائه و صفاته و معرفة آﻻئه و إحسانه حتى يبلغ درجة اليقين فكل مازداد العبد معرفة بربه زاد إيمانه و كلما نقصت هذه المعرفة نقص هذا اﻹيمان.

فالله سبحانه وتعالى حينما خلقنا خلقنا للعبادة لنعرفه لنعبده و جعل هذه الغاية العظيمة مطلب و مقصد و جعل اﻹشتغال بذلك هو أعلى ما يشتغل به العبد ﻷن العبد ليس من شيء أشرف من إشتغاله بمعرفه الله سبحانه وتعالى و التعرف على الله تعالى بأسمائه و صفاته فلا يليق بالعبد الذي لم تزل عليه نعم الله متواترة و متوالية وفضله عليه عظيم من كل وجه من الوجوه أن يكون جاهلاً بربه و أن يكون معرضاً من أسمائه و صفاته.
معرفتنا بالله سبحانه وتعالى تدعونا إلى محبته إلى تعظيمه إلى خوفه إلى رجائه إلى خشيته إلى إخلاص العمل له و هذا عين سعادة العبد فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا من الفهم عنه ما مبلغ به منازل اﻷنبياء منازل الصالحين منازل الصديقين إنه ولي ذلك و القادر عليه.

و بإذن الله نغذي قلوبنا بهذا الدرس و نزكي نفوسنا و ننشط بطاعة الله بالتعرف على إسمه المجيد سبحانه وتعالى.
المجيد سبحانه ورد هذا اﻹسم في قوله تعالى:
(رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ۚ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ)
كذلك في قوله تعالى:
 ( وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ،، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ) 
ما معنى المجيد:
المجيد في لغة العرب كما ذكر أبو القاسم:
أنه الكريم و المجد هو الكرم.
و المجيد كما يقول الخطابي رحمه الله:
هو واسع الكرم.
و أصل المجد في كلام العرب أي السعة.
يقال رجل ماجد إذا كان سخيا واسع العطاء.
إذاً المجد في اللغة هو:
المروءة و السخاء و المجد أيضاً هو الكرم و الشرف.

أما لفظ المجيد فهو للمبالغة فكأنه سبحانه يجمع ببن الجليل و الوهاب و الكريم.
في إسمه المجيد يجمع بين الجليل و الوهاب و الكريم.
و يرى اﻹمام الغزالي رحمه الله :
أن المجيد هو الشريف ذاته، الجميل أفعاله الجزيل عطاؤه فكأن شرف الذات إذا قارنه الفعال سمي مجدا سبحانه وتعالى.
المجيد سبحانه الذي له المجد العظيم
و المجد هي عظمة جميع الصفات.

صفة المجد هي متعلقة بجميع الصفات و هي وصف يلازم جميع اﻷوصاف فهو مجيد في  علمه أي كامل، مجيد في رحمته أي رحمته وسعت كل شيء، مجيد في قدرته أي قدرته ﻻ يعجزها شيء، أو ﻻ يعجزه سبحانه شيء، مجيد في حلمه فحلمه كامل سبحانه وتعالى دون عجز، مجيد حكيم  فهو كامل في حكمته إلى باقي أسمائه تعالى وصفاته التي بلغت غاية المجد فليس في شيء من تلك اﻷسماء و الصفات قصور و ﻻ نقصان.
فهو سبحانه وتعالى مجيد بلغ الغاية في كل شيء من أسمائه بلغ الغاية له الشرف التام الملك الواسع العطاء الجزيل البر الجميل سبحانه.

مجده سبحانه ﻻ يشابهه و ﻻ يدانيه مجد له المجد اﻷعلى لذلك سبحانه استحق أن نمجده و أن نعظمه أن نسبحه و أن ننزه و خير ما يمجد به ربنا سبحانه و يعظم به سبحانه ماصطفاه لنفسه من التعظيم و قد علمنا الله تعالى أنواع التعظيم و التمجيد من ذلك:
أعظم آية في كتاب الله آية الكرسي و هي من تمجيد الله سبحانه.

كذلك صح في الحديث أن العبد إذا قرأ في صلاته الحمد لله رب العالمين قال الرب سبحانه حمدني عبدي، وإذا قال الرحمن الرحيم قال الرب سبحانه أثنى علي عبدي، فإذا قال مالك يوم الدين قال سبحانه مجدني عبدي.
الله سبحانه جل في علاه وصف عرشه الذي يستوي عليه  سبحانه هذا العرش المحيط بجميع المخلوقات وصفه سبحانه بأنه مجيد و هذا على قراءة من قرأه بالكسر في سورة البروج:
( وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ،، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ)على قراءة من قرأه بالكسر فالمجد هنا وصف للعرش.

و في رواية حفص عن عاصم بالرفع فتكون هنا عائدة على الرب سبحانه وتعالى.
فالله سبحانه وتعالى ﻷنه مجيد لا يختار لنفسه إﻻ اﻷفضل و اﻷتم و الأكمل و الألطف و اﻷجمل لذلك حق له أن يكون مجيدا فكل ما يتصل به فهو مجيد.
فالله تعالى مجيد و عرشه مجيد و كلامه مجيد فهو وصف كتابه بالمجيد فقال في سورة البروج أيضاً(بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيد)ﻷنه أشرف و أعظم كتاب خو كلام ربنا سبحانه بلغ غاية الكمال غاية التمام في الفصاحة و البلاغة و الإعجاز بلغ الغاية فيما حواه من العلوم خاصة العلوم المعرفة بالله و الدالة على الله عز وجل 

كما قال في ذلك الدكتور عمر اﻷشقر في كتابه أسماء الله الحسنى:
و كذلك بلغ غاية اﻹعجاز لكثرة ما تضمنه من العلوم الكثيرة و المكارم و المقاصد و الفوائد الدنيوية و اﻵخروية.
إذاً هو مجيد و كتابه مجيد و عرشه مجيد سبحانه وتعالى.

له المجد العلي العظيم بفعاله العظيمة صفاته العلية بأسمائه الحسنى فلا مجد إﻻ مجده و ﻻ عظمة إﻻ عظمته فكل مجد لغيره إنما هو منه عطاء و تفضل فحتى على وصفنا بأحد عباده بأن هذا الفلان مجيد شريف كريم فإنما هذا الشرف و المجد و المكانة و ما وصل إليه من سؤدد و من شرف فكل ذلك إنما اكتسبه من المجيد سبحانه تفضلا و منة و عطاءا منه سبحانه.

مجد الله سبحانه نفسه في كتابه العزيز و ليس ذلك مقتصراً على بعض اﻵيات بل في كتاب الله العزيز آيات كثيرة جداً كلها تدل على أنه سمى نفسه بالمجيد إلى حانب كما ذكرنا في بداية الحديث أن اسمه المجيد متصل و مهيمن على جميع اﻷسماء فله المجد في كل إسم من أسمائه.
عطاء الله واسع فضله سابق و هذا من مجده سبحانه من شرفه من كرمه أن عطاؤه واسع أن فضله سابق.

فضله سبحانه شمل المؤمن و الكافر شمل البر و الفاجر سبحانه وتعالى مجد نفسه بنفسه بذلك فقال:(وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) 
هذا تمجيد له سبحانه يمجد نفسه و يعظم نفسه و يمتدح نفسه و يثني على نفسه عند عباده.
ما حض المؤمن من هذا اﻹسم؟
على العبد أن يتصف بالمجد.

ماهو هذا المجد الذي يتصف به؟
ليس هو الكبر و ليس هو الغرور و ليس هو اﻹعجاب بالذات بالمكانة العلمية أو اﻹجتماعية أي مكانة ينالها العبد إنما هو اتصاف بالكرم و السخاء هذا هو المجد أن يتصف العبد بالكرم و السخاء و سعة اليد، أن يأخذ من الشرف و السؤدد ما يكفي، أن يكون شريف النفس، أن يكون عزيز النفس في غير غرور و ﻻ كبر.
يحسن إلى الفقير و إلى الغني؛ يحسن إلى الفقير بالعطاء بالمال بأي نوع من أنواع العطاء.

كيف يحسن إلى الغني؟
يحسن إلى الغني بالمروءة بالفضل، يغيث الملهوف يعين على نوائب الحق، يكرم الضيف، يحمل الكل كما كانت هذه صفات نبينا و حبيبنا و قرة أعيننا محمد صلى الله عليه وسلم فهذا هو المجيد.
فإذا أراد العبد المج فعلاً فعليه أن يقترب من هذا المجد بالقرب من المجيد بالتضرع إلى المجيد بالانكسار إلى المجيد فلا فخر و لا كبر و لا اغترار على خلق الله.
يكتسب المجد من المجيد سبحانه وتعالى ذو الفضل و الكرم و السخاء و الشرف.
نسأله سبحانه وتعالى أن يهبنا المجد الذي يرضى به عنا و الذي يغنينا به عن خلقه أجمعين إنه ولي ذلك و القادر عليه.

هذا و الله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.


تفريغ طالبة علم
نفع الله بها وأحسن إليها وجعل هذا العمل في موازين حسناتها


إلقاء ومراجعة: الأستاذة سوزان المشهراوي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفريغ الدرس السادس من شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (الحق) جلّ جلاله

الدرس السابع و العشرون من شرح أسماء الله الحسنى ا سم الله: (الحفيظ) جل جلاله

الدرس العاشر من دروس شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (اللطيف) جل جلاله