تفريغ الدرس الخامس من شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (المؤمن)

(اسم الله المؤمن)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وأشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا.
اللهم ربنا لك الحمد كله ولك الملك كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع اﻷمر كله علانيته وسره فأهل أنت أن تحمد وأهل أنت أن تعبد إنك على كل شيء قدير، وأصلي وأسلم وأبارك على حبيبي وقرة عيني محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

وبعد..
الحمد حمدا كثيراً طيباً مباركاً فيه الذي جدد لنا اللقاء مع أسماء الله سبحانه وتعالى الحسنى وصفاته العلياء سبحانه جل في علاه.
وﻻ شك أن معرفة الله تعالى ومعرفة أسمائه الحسنى وصفاته العلياء هي غاية مطالب العبد وشرف العلم بشرف المعلوم؛ والمعلوم هنا هو الله سبحانه وتعالى مالك الملك، الله سبحانه وتعالى رب العالمين.

فمعرفة أسماء الله سبحانه وتعالى هي أفضل العلوم و أعلاها و أشرفها و أسماها وهي الغاية كما قال ابن القيم عنها هي الغاية التي شمر إليها المشمرون وتنافس فيها المتنافسون وجرى إليها المتسابقون وإلى نحوها تمتد اﻷعناق وإليها تتجه القلوب الصحيحة باﻷشواق بها يتحقق للعبد طيب الحياة، فإن حياة الإنسان بحياة قلبه وروحه و ﻻ حياة لقلبه إﻻ بمعرفة فاطره سبحانه ومحبته وعبادته وحده واﻹنابة إليه والطمأنينة بذكره واﻷنس بذكره فهما أحب العبد ومهما تقرب العبد ومهما أنس العبد بالمخلوقين فو الله لن تطمئن نفسه و لن يهدأ باله ولن يستقر قلبه إﻻ إذا كان غاية طلبه هو رضا الله سبحانه وتعالى ، وﻻ حياة لقلب في هذه الحياة إﻻ إذا عرف ربه.

و إذا عرف ربه أحبه وعبده حق عبادته و أناب إليه و من فقد هذه الحياة وهي الحياة الحقيقية التي تكمن في محبة الله واﻷنس بقربه من فقد هذه الحياة فقد الخير كله و لو تعوض عنها بما تعوض مهما عوضتنا الدنيا مهما أعطتنا الدنيا مهما فتحت علينا الدنيا مهما كسبنا من أموال و أزواج وأوﻻد ومال و جاه و كل ما ترغب إليه النفس في هذه الحياة الدنيا مهما كسبنا من ذلك فلا حياة كحياة محبة الله سبحانه وتعالى ومعرفته، وكل حياة غير ذلك فهي موت و ليس حياة؛ وﻻ شيء يعوض العبد عن ربه إذا فقد تلك اﻷمور وإذا فقد تلك المعاني محبة الله و معرفة الله واﻷنس به والطمأنينة إليه والرضا بقضاءه وتسليمه أمره فو الله لو فقد ذلك لن يعوضه شيئاً في الدنيا أبداً بل الدنيا بما فيها لن تعوض العبد عن هذه الحياة الحقيقية فكل شيء يفوت عوض فليس لله إذا فات من عوض.

نسأل الله تعالى أن يعلق قلوبنا به وبحبه ويرزقنا صدق العبودية له.
هذه كانت مقدمة بسيطة وتذكير بسيط لنفسي والسامعين في فضل العلم بأسماء بالله وصفاته.

و اليوم بإذن الله تعالى نكمل في معاني اﻷسماء الحسنى وآثارها على المؤمن.
و كما تعودنا و نحن تقريباً نشرح في كل درس تقريباً أربعة أسماء اليوم إن شاء الله نبدأ بشرح اسمه العظيم اسم الله تعالى جل في علاه ((المؤمن))

اسم الله جل اسمه المؤمن ذكر هذا الاسم حينما حدثنا الله عن نفسه في كتابه فقال: ( ُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ)
المؤمن سبحانه وتعالى الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال وبكمال الجلال والجمال، الذي أرسل رسله وأنزل كتبه باﻵيات والبراهين وصدق رسله بكل آية وبرهان يدل على صدقهم وصحة ما جاءوا به.

أيضاً من معاني اسم الله المؤمن هو الذي يؤمن خلقه من أن يظلمهم، وعباده المؤمنين وأولياءه من أن يعذبهم.
فالمؤمن سبحانه يرجع إليه اﻷمن واﻷمان ﻷنه سبحانه هو الذي سبب أسباب اﻷمن وسد طرق المخاوف سبحانه وتعالى.
المؤمن سبحانه هو الذي ﻻ يتصور أمن وأمان إﻻ ويكون هو مصدره.
 سبحان الله كلنا يطلب اﻷمن كلنا يطلب اﻷمان.

من أين نأخذ هذا اﻷمن؟
من أين نأخذ هذا اﻷمان؟
من أين نحصل عليه؟
من المؤمن سبحانه وتعالى.
فهو سبحانه المؤمن الذي يؤمن عباده المؤمنين، فلا يأمن عبد في الدنيا وﻻ في اﻵخرة إﻻ من أمنه.
العبد عموماً يحتاج للأمن في الدنيا ويحتاج للأمن أيضاً في اﻵخرة.
لو تحدثنا عن الإنسان بشكل عام سواء مؤمناً أو كافراً الكل يحتاج إلى اﻷمن في الدنيا لكن المؤمن يزداد احتياجه للأمن في الدنيا والآخرة؛ ﻷن الكافر أساساً ﻻ يعترف باﻵخرة وﻻ يعترف ببعث وﻻ نشور.

لكن المؤمن الذي آمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً هو يحتاج أمنا في الدنيا وأمنا في اﻵخرة.
فمن وهبه هذا اﻷمن؟
هو المؤمن سبحانه وتعالى رب العالمين.

العبد ضعيف في أصل فطرته، أنا وأنتم ضعفاء نحن عرضة للجوع وعرضة للعطش وعرضة للأمراض، اﻷمراض الخارجية واﻷمراض الباطنية.
نحن وكل ما نملك في هذه الدنيا عرضة للآفات وعرضة للجوائح للفقر للمرض للسقم وكل تلك اﻷمور هي مخاوف يخافها أي إنسان.

نخاف من الجوع نخاف من العطش نخاف من المرض نخاف من الفقر نخاف من الفاقات الجوائح المصائب كلنا نخاف وﻻ أحد يأمن هذه اﻷمور ﻷنها تقدير الله الكوني الذي يجري على جميع العباد.
فمن يؤمننا من هذه المخاوف؟
الذي يؤمننا من الخوف من الجوع الذي أمدنا بالطعام،
الذي يؤمننا من الخوف من العطش الذي أمدنا بالشراب،
الذي يؤمننا من الخوف من المرض الذي أمدنا بالدواء النافع،
الذي يؤمننا من الخوف من الهلاك والجوائح في جوارحنا وفيما نملك الذي وهبنا حواسنا ووهبنا جوارحنا ووهبنا تلك النعم التي عندنا.

إذاً فلا أمن في العالم إﻻ وهو مستفاد بأسبابه.
أي أمن سواء كنت أنا أو أنت فيه هو مستفاد من الله المؤمن سبحانه وتعالى.
كل اﻷسباب التي تؤدي إلى اﻷمن الله مسببها والله خالقها تفرد بخلقها ليس فقط تفرد بخلقها ثم تركك أنت هكذا تختار؛ بل هداك لما تختار.
هداك ﻹستعمال تلك اﻷسباب التي تكون سبباً في أمنك.
إذاً سبحانه وتعالى هو المؤمن المطلق حقاً سبحانه وتعالى.

من آثار هذا الاسم في حياة الناس:
أن الله تعالى هو واهب اﻷمن لعباده المؤمنين، خالق اﻹنسان خالق الكون نواصي العباد كلها بيده.
من آثار اﻹيمان باسمه المؤمن ومن آثار اسمه المؤمن في حياة الناس اسمه المهيمن وسيأتي إن شاء الله معنا المهيمن.
فهو المهيمن على كل شيء ومادام مهيمن على كل شيء إذن كل شيء محتاج إليه وإلى أمنه.
فاﻷمن بأنواعه في الدنيا بيد الله سبحانه وتعالى واهب النعم دافع النقم ﻷجل ذلك أيها اﻷخوة فإن اﻷمن يترتب على أمر مهم جدا.ً

ماهو هذا اﻷمر الذي يترتب عليه اﻷمن؟
من أراد اﻷمن في حياته واﻷمان فليحرص على هذا اﻷمر:
ماهو هذا اﻷمر؟
إنه إخلاص العبادة لله والصدق في توحيده و قد عرجت على ذلك في الدروس السابقة أنا دائماً أذكر بهذا ﻷن أساس العبادة و أساس القبول عند الله تعالى وأساس القرب من الله سبحانه وتعالى و النجاة من اﻷهوال و النجاة الشدائد و الابتلاءات هو اﻹخلاص لله وحده سبحانه دليل ذلك أن الله سبحانه وتعالى يقول: ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ)
والظلم هنا كما جاء هو الشرك
أظلم ظلم يظلم العبد نفسه هو الشرك بالله والعياذ بالله
فالعباد ﻻ طاقة لهم من أن يأمنوا من بأس الله.
أنا وأنت كيف نأمن مكر الله؟
كيف نأمن من بأس الله؟
لا يكون ذلك إﻻ إذا قمنا ببذل أسباب اﻷمن واﻷمان.

كيف نأمن مكر الله ة هو القائل سبحانه وتعالى: (أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ، أَمْ أَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ)
من الذي يأمن بأس ربه سبحانه وتعالى؟
( َفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ،، أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ،، أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)
من الذي يأمن مكر الله؟
من الذي يأمن من بأس الله؟

إذاً نحن بشر لا نأمن من بأس الله إذا نزل بنا، وﻻ نأمن مكر الله تعالى إذا حصل لنا فما النجاة؟
النجاة هي اﻹخلاص لله وبذل أسباب اﻹخلاص، والبعد عن الشرك وأسبابه.
من آثار هذا اﻹسم العظيم على الناس وفي المجتمعات وفي الشرائع.
الحدود التي شرعها الله من قصاص وحدود.
شرع الله القصاص لحفظ الدين و حفظ النفوس و العقول و هي الضرورات الخمس: (الدين، العقل، النفس، المال، العرض) فالله تعالى حد حدوداً و وضع قصاصا هذا القصاص متى يحصل؟
حينما يتعدى العبد حدا من هذه الحدود.

حينما يتعدى عبد من العباد على أحد تلك الضرورات فيخيف الناس ويروعهم، من روع الناس في دينهم فقتلهم فأخافهم وأقلقهم ووتر المجتمع هذا ﻻ يستحق إﻻ ماذا؟ (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
ﻻ يستحق إﻻ القتل ﻷنه تعدى حدود الله سبحانه وتعالى في حفظ الدين في حفظ النفس.
الله سبحانه وتعالى أمن الناس حتى على عقولهم، ليس فقط النفس؛ لم يأمن الله الناس على أنفسهم فقط بل أمنهم أيضاً على عقولهم هذه العقول كيف نأخذ بها بر اﻷمان؟

كيف يعيش عقلي في أمن وأمان؟
في هذا الوقت وفي هذا العصر انتشرت أفكار للإلحاد واﻷفكار المنحرفة والمناهج المنحرفة فكان ليس هناك أمن على العقول.
فالله تعالى أمن الناس على عقولهم هذا عقلك الذي آتاك الله إياه وخلقه فيك وكرمك به وميزك عن سائر المخلوقات به أحق باﻷمن حتى من جوارحنا.
عقولنا أحق باﻷمن ﻷن هذه العقول إن لم تقدنا إلى الصالح وإلى الصراط المستقيم ستقودنا إلى الهلاك ستقودنا إلى الفساد، فالله أمن الناس على عقولهم ومن ذلك اﻷمان الذي أمنه الله الناس على عقولهم فيه أن حرم عليهم المسكرات والمخدرات.
طبعاً يعلم أن تلك اﻷشياء من المسكرات والمخدرات تلهي العقل وتخدره وتنهيه عن وظيفته اﻷساسية في الحياة.

الوظيفة اﻷساسية في الحياة هي العبادة؛ لذلك حينما يعطل المرء عقله بهذه المسكرات والمخدرات ﻻ يستطيع أن يؤدي العبادة تأدية صحيحة كذلك الله تعالى حرم السرقة وغلظ العقوبة ليردع الجناة لماذا؟
حتى يأمن الناس على أموالهم ويعيش المجتمع في أمان وفي أمن لذلك ترتب حد وقصاص في أمر السرقة: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ)
حرم الله الزنا بل حرم وسائل الزنا لماذا؟
ليأمن الناس على نسائهم وحرماتهم كل هذا اﻷمن أيها اﻷخوة مستفاد من اسمه المؤمن سبحانه وتعالى.

آثار اسمه المؤمن في الكون كثيرة جداً ومنها كما ذكرنا:
إقامة الحدود.
وإقامة شرع الله تعالى.
من أقام شرع الله في الأرض أمنه الله تعالى من كل خوف ابتداءاً بالتوحيد إلى أقل التكاليف.
من حقق التوحيد قادر على تحقيق التوحيد إلى تحقيق باقي الشرع وتحقيق ما شرعه الله لعباده من العبادات.

تأمين الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين في اﻵخرة.
إذاً ذكرنا تأمين الله تعالى للعباد في الدنيا وقلنا أن المؤمنين يحتاجون كما يحتاجون للأمن في الدنيا هم يحتاجون للأمن في اﻵخرة أشد مايكون الإنسان محتاج للأمن متى تتصور؟
متى أكون أشد محتاجة للأمن واﻷمان متى؟
عند الاحتضار؛ عندما ينتهي عمر اﻹنسان ويحين أجله يحتاج إلى اﻷمن يحتاج إلى من يأمنه في تلك اللحظات التي يعاني فيها سكرات الموت ويكشف له الحجاب: (فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) فيرى مالا يراه من بجانبه في تلك اللحظة هو ﻻ يحتاج اﻷمن ممن حوله ﻻ يحتاج اﻷمن من أمه وﻻ أبيه وﻻ زوجه وﻻ أوﻻده وﻻ جيرانه وﻻ أصدقائه هو يحتاج اﻷمن من من؟
يحتاج اﻷمن من المؤمن سبحانه وتعالى؛ وهنا يأتي اﻷمن من الله لعباده المؤمنين حيث تتنزل عليهم الملائكة لتأمنهم وتطمئن قلوبهم كما قال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ، نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ)

الله أكبر هذا هو اﻷمان واﻷمن الحقيقي الذي أحتاجه أنا وأنت حينما نفارق هذه الدنيا في لحظات فراق الدنيا نحتاج إلى هذا اﻷمن من الذي يهبنا هذا اﻷمن؟
إنه المؤمن سبحانه وتعالى.
المؤمن سبحانه يأمن عباده المؤمنين يوم البعث والنشور حينما أمنهم عند سكرات الموت حينما انتقلوا من هذه الدار إلى الدار اﻵخرة يأتي دور اﻷمان الثاني الذي يحتاجونه يأتي اﻹحتياج الثاني إلى اﻷمن واﻷمان أﻻ هو احتياجهم للأمن يوم البعث والنشور في حين يقلق الناس وتصل القلوب الحناجر وتتوتر اﻷنفس وتشرئب الرؤوس تنتظر ماذا يقضي الله سبحانه وتعالى ماذا يحصل في ذلك اليوم العظيم ينزل الله سبحانه وتعالى أمنه وأمانه على عباده المؤمنين نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.

فلا يصيبهم خوف وﻻ يصيبهم فزع، يفزع الناس وهم آمنون يخاف الناس وهم أمنون يقول سبحانه: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ)
انظر وتأمل إلى جزاء الحسنة: (مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا)
خير منها متى؟
 في الدنيا وفي اﻵخرة.
جزاء الحسنة جزاء الطاعة في الدنيا وفي الآخرة.
في الدنيا مما يرى العبد من أمن وأمان يعيشه في بيته في نفسه في أبنائه في مجتمعه في إيمانه، هذا اﻷمن الذي يجده المؤمن في حياته هو أول أثر من آثار اسمه المؤمن وأول ثمرة ينالها من طاعة الله سبحانه وتعالى بالحسنة ثم تأتي أعظم ثمرة وأعظم ثواب وأعظم جزاء للعبد حينما يقيم على طاعة الله ويؤدي الحسنات ويؤدي أوامر الله كما قال الله باﻷمن يوم الفزع وهم: (وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ)

قارن بين حال المؤمن وحال الكافر الذي حرم اﻷمان.
المؤمن يمتن الله تعالى عليه باﻷمن ﻷنه سبحانه وتعالى هو المؤمن.
والمؤمن اسم قد أخذ من اسمه المؤمن سبحانه وتعالى؛ لكن حينما ينسب للعبد يختلف عن نسبته إلى رب العالمين سبحانه وتعالى.
إذ المؤمن ﻻ يمكن أن يؤمن غيره لكن من آثار اسم المؤمن على العبد المؤمن:
 أن يكون سبب أمان لغيره سيأتي معنا في آخر هذا الدرس.

 فلو قارنا أن حال المؤمن بحال الكافر نجد أن الكافر قد حرم اﻷمان في اﻵخرة بل حتى في الدنيا حرم اﻷمان؛ وإن كنا نرى أن الكفار وأهل الكفر والمشركين نراهم اﻵن في الدنيا في العالم الغربي يتمتعون باﻷمن واﻷمان لكن ماهو إﻻ أمن ظاهر وإلا فقلوبهم في وجل في خوف دائم لذلك نجد حوادث الانتحار كثيرة جداً عندهم ﻷنهم ﻻ يعيشون حياة أمن مهما تيسرت لهم سبل وأسباب اﻷمن  واﻷمان إﻻ أنهم يعيشون خوفاً نفسياً لذلك هم ﻻ يستطيعون أن يعيشوا الحياة كما يعيشها المؤمن.
المؤمن تجده في فاقة في فقر في سقم في مصائب موت لكن تجد أنه في سكينة عجيبة في طمأنينة يزاول حياته كما الله أمره، يبتلى بفقر يبتلى بفاقة يبتلى بمرض يبتلى بموت تجده راضياً مهما وصلت به حالة السخط إﻻ أنه في الآخير تجده يختلف عن حال الكافر تماماً هذا في الدنيا فكيف في الآخرة.

أما في اﻵخرة فانظر كيف الفرق بين حال المؤمن وحال الكافر يقول الله سبحانه وتعالى: (أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)
ما سبب هذا اﻷمان الذي يناله العبد المؤمن في اﻵخرة؟
سبب هذا اﻷمان أنه في الدنيا عاش على طاعة الله، أنه في الدنيا حقق التوحيد، حقق لا إله إلا الله فنال اﻷمن واﻷمان.
 واﻷمن كل اﻷمن حينما يدخل المؤمن دار السلام، حينما يمتن الله على عباده المؤمنين بدخولهم دار السلام حيث ﻻ خوف وﻻ فزع؛ انتهى الخوف الذي كان في الدنيا والفزع الذي كان في الدنيا انتهى الخوف الذي كان في أرض المحشر في وقفة الحساب انتهى ذلك الخوف كله لماذا؟
ﻷنهم أدخلوا إلى دار السلام.

دار السلام التي سلمت من الخوف ومن الفزع التي سلمت من كل ما يكدر على المؤمن حياته ويكدر عليه لذته وأنسه.
فاﻷمن في الدنيا أيها اﻷخوة مهما كان اﻷمن محقق في الدنيا إﻻ أنه ﻻ بد أن يشوبه الخوف ﻷننا في الدنيا مهما كان ويأتي اﻷمن على قدر اﻹيمان.
على قدر إيمانك بالله وصدقك توكلك على الله يكون اﻷمن.
إذن اﻷمن في الدنيا نسبي، أما اﻷمن في اﻵخرة تام كامل.
اﻹنسان في الدنيا ﻻ يأمن أعدائه ﻻ يأمن خصومه ﻻ يأمن شياطين الإنس والجن ينغصون عليه حياته ينغصون عليه طمأنينته بالوساوس لا يأمن على نفسه من هوام من سباع من قحط من سيول من أعاصير من أمراض من موت.

إذاً اﻷمن في الدنيا نسبي مهما أمنا إﻻ وهناك شيء منغص؛ أما في اﻵخرة وأما في الجنة خصوصاً فالعبد آمن من كل خوف ومن كل فزع.
وانظر هنا إلى ما يقول الله تعالى في نعيم اﻷمن المطلق اﻷمن وحده في الجنة نعيم عظيم يقول سبحانه وتعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِيجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ، وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ، لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ)
نسأل الله تعالى أن اﻷمن واﻷمان في الدنيا والآخرة.
أن يؤمننا في الدنيا بصدق التوكل عليه وأن يؤمننا في اﻵخرة بدخول جنة اﻷمان وجنة السلام الفردوس اﻷعلى برحمتك يا أرحم الراحمين.

ما حظ المؤمن من هذا الاسم العظيم؟
ما حظي وحظك من هذا الاسم العظيم؟
حظ المؤمن من هذا الاسم أن يأمن الخلق كلهم جانبه
كيف يأمن الخلق جانبه؟
ﻻ يخافك أحد على نفسه، لا يقولون والله هذا فلان نخاف منه، نخاف من أذيته هذا لو كان جارا لآذانا لو كان في عمل رئيس قد يؤذينا قد يفعل قد يفعل!
إذا كنت أنت ممن يخاف أو ممن ﻻ يؤمن جانبه فراجع نفسك وحاول أن يكون لك حظ من هذا الاسم العظيم المؤمن سبحانه، بل من حظ المؤمن من هذا الاسم العظيم أن يأمن الناس جانبه ثم يرجوه كل خائف ويعتضد به وبلوذ به في دفع المهالك عن نفسه.

هناك مرتبتان:
مرتبة أن الناس تأمن جانبك، ﻻ يخافون منك يأمنون على أنفسهم على أموالهم على أعراضهم كل ما يخصهم وهذا من كان كذلك فقد أوتي خيراً عظيماً وكان ذو حظ عظيم.
هذه المرتبة الأولى.
ثم تأتي المرتبة الثانية وهي اﻷعلى:
أمن الخلق جانبك أنهم يلوذون بك ويعتضدون بك في دفع المهالك عن أنفسهم فهم كل ما ضاقت بفلان ضائقة لجأ إليك لماذا يلجأ إليك؟
ﻷنه حينما يلجأ إليك يشعر باﻷمن يشعر باﻷمان.
بعض الناس الله سبحانه وتعالى جعلهم مفاتيح للخير كما جاء في الحديث الصحيح كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن لله عبادا مفاتيح للخير مغاليق للشر).
فإن كنت كذلك فاحمد الله إنما تكون أنت مبارك الناس تلجأ إليك تفزع بك لماذا؟
ﻷنها تجد اﻷمان عندك.

احذر أن الناس تخافك أو ﻻ تجد عندك اﻷمان واحرص على أن يأمنك الناس ويأمنون جانبك بل ويفزعون إليك عند حوائجهم فتغيث الملهوف وتحمل الكل وتعين على نوائب الحق وتصل الرحم وتقري الضيف وتحسن إلى الجليس وتحسن إلى الجار يأمنك الناس على أبناءهم على أموالهم كما كان هذا من صفات نبيك محمد صلى الله عليه وسلم الذي نال أعظم حظ من اﻷمن من اسمه المؤمن سبحانه وتعالى وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليأمن جاره بوائقه).
وقال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم).

حظك من اسمه المؤمن يجب أن يكون حظاً وافرا بالذات أيها اﻷخوة في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن وكثر فيه الخوف والفزع وكثرت فيه الابتلاءات والشدائد فالناس بحاجة لمن يؤمنهم لمن يرتاحون إليه لمن يسكنون عنده يطمئنون إليه تجد المؤمن يقع في ضائقة في شدة في فاقة يقع في مرض يحتاج من يربت على كتفه من يكلمه الكلمة الطيبة من يتودد إليه من يشعره باﻷمان فيكون في كنفه، هذه اﻷمور يحتاجها العبد بالذات في هذه اﻷيام أحتاجها أنا وأنت في هذه اﻷيام بالذات.

 ومن أراد اﻷمن في اﻵخرة ومن أراد اﻷمن من عذاب الله تعالى ومن أراد اﻷمن من الله سبحانه وتعالى فليكن حظه من هذا الاسم مع عباد الله حظا وافرا.
فحق العباد من اسمه المؤمن من كان سبب ﻷمن الخوف من عذاب الله كيف هذا؟
أولى الناس بهذا الاسم و أكثر الناس حظاً بهذا الاسم هو الداعية؛ هو الذي يدعو الناس إلى الله هو الذي يرشد الناس يبين لهم الطريق المستقيم، يرشدهم إلى عبادة الله، إلى توحيد الله فإذا هو كان كذلك أمنهم من عذاب الله دعاهم إلى طريق الله أرشدهم إلى طريق النجاة كن مرشدا للناس كن هاديا للناس و احذر أن تكون داعياً إلى ضلالة أو مستن بسنة سيئة فيتبعك الناس و يسيرون خلفك ثم بعد ذلك ماذا يحصل؟

تفقد كل حظ من اﻷمن تفقد حظاً من أن تكون مؤمناً حقاً سبباً في أمان الناس وأمنهم.
الداعية هو أولى الناس بهذا الاسم بأن يكون صاحب أمن اﻷمن وأمان أو سبباً في إدخال اﻷمن واﻷمان على الناس يدعوهم إلى الخير يدعوهم إلى دار السلام يدعوهم إلى سبيل النجاة فيكون سبباً ﻷمنهم وأمانهم في الدنيا والآخرة وعلى قدر ما يأمنك الناس في الدنيا على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وقلوبهم ودينهم على قدر ما يؤمنك الله تعالى من الفزع ومن الخوف ومن عذابه سبحانه وتعالى وجزاءه يوم القيامة.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعلني وإياكم ممن نال أعظم الحظ والنصيب من اسمه سبحانه وتعالى المؤمن.
هذا والله أعلم ساكتفي بشرح اسم واحد وأرى أن ذلك هو اﻷولى وذلك هو اﻷفضل مع كل درس سيكون شرح اسم واحد حتى يتسنى للجميع الفهم وﻻ نطيل السامعين.
 وأسأل الله تعالى أن يجعل فيما ذكر الخير والفائدة وأن يجعلني والسامعين أن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
 هذا والله أعلم إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله بريئان مما أقول وأعوذ بالله من زﻻت اللسان ومن عثرات الكلام والله أعلم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم اللهم ارزقنا من الفهم عنك وعن رسولك ما نبلغ به منازل النبيين ونحشر به في زمرة العلماء العاملين برحمتك يا أرحم الراحمين.

 والحمد لله رب العالمين.


تفريغ طالبة علم
نفع الله بها وأحسن إليها وجعل هذا العمل في موازين حسناتها
مراجعة: الأستاذة سوزان المشهراوي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تفريغ الدرس السادس من شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (الحق) جلّ جلاله

الدرس السابع و العشرون من شرح أسماء الله الحسنى ا سم الله: (الحفيظ) جل جلاله

الدرس العاشر من دروس شرح أسماء الله الحسنى اسم الله (اللطيف) جل جلاله